تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > م. عبدالصادق الشوربجى > «الهلال» 130 عاما من صناعة الكلمة

«الهلال» 130 عاما من صناعة الكلمة

حين أكتب عن «الهلال» - دارا ومجلة - فأنا أكتب عن جزء من تاريخ مصر، لأن مائة وثلاثين عاما ـ عمر دار الهلال ومجلة الهلال ـ ليس بالأمر الهين. فأنا أكتب عن دار ومجلة تأسست عام 1892 وبالتحديد كان عددها الأول فى 1سبتمبر من العام نفسه. وقد ولدت «الهلال» كبيرة لما كان لها من دور بارز فى مسيرة الثقافة العربية المعاصرة،

إذ كانت «الهلال» أول مجلة تصدر فى الوطن العربى كله تهتم بالأدب والثقافة، وقد تلتها مجلات أدبية أخرى وعديدة توقف معظمها مع الوقت، لتكون مجلة «الهلال» من أبرز المجلات الأدبية حتى وقتنا الحالى، لتحمل لقب «أطول المجلات الثقافية العربية عمرا»، ويتوالى صدورها بلا انقطاع منذ 130عاما، وتظل مصدرا للأشعاع الفكرى من القاهرة للعرب جامعة، بين الحداثة الدائمة والفتوة التى تتجدد كل شهر.

 

وأرى أنه من الصواب لهذه المناسبة أن أقتبس كلمة مهمة لمؤسس دار الهلال ومجلة الهلال الأديب والمفكر «جرجى زيدان»، تلك الكلمة التى كتبها فى مجلة «الهلال» هى خلاصة الفكر الصحفى والأدبى فى آن، حين كتب جرجى: «إن صناعة القلم أكثر المهن حاجة إلى التدبير، لأنها تتعلق بشعور الناس وتمس حاجاتهم الأدبية، واعتقاداتهم الاجتماعية، لاسيما فى الشرق لاختلاف المشارب والمذاهب والأذواق والأخلاق، قبل أن يتناول الكاتب القلم يرى العقبات تتوالى أمامه ومهما يكن من تفاهة موضوعه أو أهميته لا يدرى ما يكون تأثير أقواله على قرائه فإذا أرضى المسلم، لا يرضى المسيحى وإذا أرضى المصرى لا يرضى السورى، وإذا أرضى النشء أغضب المحافظين، وإذا أرضى هؤلاء جميعا لا يرضى نفسه».

 

وبالفعل إن أصعب صناعة تواجه البشرية هى «صناعة القلم» التى أتقنها كتاب مجلة الهلال طوال 130عاما من الإبداع والتنوير.

وحين أكتب عن «الهلال» فى عيدها الـ130، ينتابنى حنين خاص لتلك الدار التى أحبها بشكل شخصى، خاصة أن لمجلة «الهلال» شهرة تغنى عن الوصف، وسعة انتشار لم يسبق لها مثيل فى العالم العربى، وقد اشتهرت بالاعتدال، والوضوح مستخدمة لهجة الصدق والإخلاص، وحسن اختيار موضوعاتها فاصبحت مجلة «الهلال» إحدى علامات النهضة الأدبية والصحفية العربية لـ130عاما، وأصبحت «دار الهلال» صرحا صحفيا كبيرا تصدر العديد من المجلات الأسبوعية والشهرية المتنوعة.

 

وأستطيع أن أقول وبكل صدق إن الصحافة القومية بخير، و«دار الهلال» وإصدارها الأول مجلة «الهلال» خير مثال للقوة الناعمة التى تنحاز دائما لقضايا الوطن، خاصة أن مصر تشهد عصر الإنجازات الكبرى تحت قيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث تتحمل المؤسسات الصحفية القومية مسئولية كبرى فى توعية الرأى العام بالتحديات التى تواجه الوطن، والتعريف بالمشروعات القومية العملاقة التى يتم تنفيذها فى كل محافظات مصر، والتصدى للشائعات التى تستهدف التشكيك والنيل من الإنجازات بالرد على الأكاذيب ونشر الحقائق، وظلت «الهلال» 130عاما منارة مضيئة للأدب والفكر والثقافة.

لقد نجحت «الهلال» فى نهجها وسط التناقضات والعقبات التى عاشتها طوال عمرها البالغ 130عاما، لكنها استطاعت أن تؤدى رسالتها وتحتفظ بجوهر صيغتها الصحفية مع تجديد آفاقها وتوسيع مجالها من الأدب والثقافة للفنون بجميع أشكالها: التشكيلى والتصوير والمسرح والسينما والتليفزيون والفيديو، وكل جديد يصل إلى القارئ ويؤثر فى وجدانه، وهذا هو سر بقاء «الهلال»:

أنها تؤثر فى وجدان قرائها، وتواكب التغير والتطور مهما تغيرت الأساليب وتجددت الطرائق باختلاف الزمان، فالمجلة مثل الكائن الحى، تولد وتنمو، كما حكمت على كل من تولى مسئولية تحريرها أن يلتزم بخطها الوطنى وقالبها الأدبى والثقافى بصياغة غلبت على الجميع، وقد تولى رئاسة تحرير «الهلال» عدد من كبار ونجوم رجال الأدب والثقافة والفكر فى مصر، لذا اجتذبت «الهلال» ألمع الكتاب فى مصر والعالم العربى من أهل الفكر والأدب والفن والعلم على طول تاريخها، فكان نتاجهم تراثا أدبيا وتاريخيا نحتفى به ونصونه لما له من قيمة كبيرة جدا.

وأقول بكل صدق فى هذه المناسبة بمرور 130عاما على إنشاء «دار الهلال» وإصدار أول عدد من مجلة «الهلال» ومن واقع مسئوليتى إننا نعمل جميعا من أجل الوصول بالصحافة القومية لمكانة تليق بها، من منطلق الفكر الجماعى للنهوض بالمؤسسات الصحفية القومية ودعمها واستمراريتها على القمة، خاصة أن المؤسسات القومية غنية بإمكاناتها البشرية وأصولها الثابتة الكفيلة بأن تبقيها منارات للفكر والإبداع.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية