تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > عبد الرازق توفيق > ‭ ‬من‭ ‬آن‭ ‬لآخر.. الميراث‭ ‬الصعب

‭ ‬من‭ ‬آن‭ ‬لآخر.. الميراث‭ ‬الصعب

‬بعد‭ ‬ملحمة‭ ‬العبور‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭.. ‬جاءت‭ ‬الرسالة‭ ‬واضحة‭.. ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يخضعها‭ ‬أو‭ ‬يكسرها‭ ‬أو‭ ‬يمس‭ ‬أراضيها‭ ‬وحقوقها‭.. ‬ولن‭ ‬ترضى‭ ‬بالضعف‭ ‬والاستكانة‭.. ‬لذلك‭ ‬فكر‭ ‬المتآمرون‭ ‬فى‭ ‬أنواع‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحروب،‭ ‬بغية‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافهم‭ ‬الخبيثة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الترتيب،‭ ‬والتخطيط‭ ‬والتآمر‭ ‬لتحقيق‭ ‬غاياتهم‭ ‬فى‭ ‬مصر‭.‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬مؤامرة‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬صدفة‭.. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬عملاً‭ ‬عشوائياً‭.. ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬مخططاً‭ ‬وممنهجاً‭.. ‬عكفت‭ ‬عليه‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬قبل‭ ‬يناير‭ ‬2011‬لإيجاد‭ ‬حروب‭ ‬بديلة‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية،‭ ‬هى‭ ‬حروب‭ ‬التدمير‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬وغير‭ ‬النمطية،‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬نعتد‭ ‬عليها‭.. ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬اختراق‭ ‬العقل‭ ‬المصرى‭ ‬وترويج‭ ‬ثقافة‭ ‬التبوير‭ ‬والتسطيح‭ ‬وغياب‭ ‬الرؤية‭ ‬وعدم‭ ‬الانتباه‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭.. ‬وما‭ ‬هى‭ ‬أهدافه؟

كل‭ ‬شيء‭ ‬قبل‭ ‬2011‭ ‬اتضح‭ ‬كان‭ ‬مرتباً‭ ‬وممنهجاً‭ ‬ومخططاً‭ ‬ولم‭ ‬يأت‭ ‬صدفة‭.. ‬وربما‭ ‬تتحمل‭ ‬الدولة‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬اللامبالاة‭ ‬بخطورة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬المشهد‭.. ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬سيناء‭ ‬وأهمية‭ ‬تنميتها‭ ‬وتعميرها‭.. ‬أو‭ ‬إفساح‭ ‬المجال‭ ‬للجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬خاصة‭ ‬جماعة‭ ‬الاخوان‭ ‬المجرمين‭ ‬وانتشارها‭ ‬فى‭ ‬النقابات‭ ‬والجامعات‭ ‬ومشاركتها‭ ‬بنسب‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬فى‭ ‬البرلمان‭ ‬والسماح‭ ‬لها‭ ‬باجتماعات‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭ ‬والتحالف‭ ‬مع‭ ‬عناصر‭ ‬داخلية‭ ‬ذات‭ ‬توجهات‭ ‬معادية‭ ‬للدولة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬نجاح‭ ‬المخطط‭ ‬آنذاك‭ ‬فى‭ ‬تهيئة‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمدد‭ ‬الإعلام‭ ‬الخاص‭ ‬وتسببه‭ ‬فى‭ ‬زيادة‭ ‬الاحتقان‭ ‬بين‭ ‬نظام‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬2011‭ ‬والشعب،‭ ‬والمبالغة‭ ‬فى‭ ‬الفساد‭ ‬والظروف‭ ‬الحياتية‭ ‬والمعيشية‭ ‬الصعبة،‭ ‬وتردى‭ ‬الخدمات‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬المصريين‭ ‬مهيأ‭ ‬للاستقطاب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أدوات‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬فى‭ ‬الداخل،

‭ ‬وقيام‭ ‬الجماعات‭ ‬الارهابية‭ ‬بقيادة‭ ‬الاخوان‭ ‬المجرمين‭ ‬للتمدد‭ ‬فى‭ ‬قرى‭ ‬الريف‭ ‬واستغلال‭ ‬تدنى‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬والخدمية‭ ‬وتقديم‭ ‬الجماعة‭ ‬الارهابية‭ ‬للمساعدات‭ ‬بتوظيف‭ ‬سياسى‭ ‬يسهل‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬استقطاب‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬والانخداع‭ ‬فى‭ ‬التنظيم‭ ‬الارهابى‭ ‬المتاجر‭ ‬بالدين‭ ‬والزاعم‭ ‬بأنه‭ ‬ممثل‭ ‬الوسطية‭ ‬والتسامح‭..‬قبل‭ ‬2011،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬وتهديدات‭ ‬هى‭ ‬الأخطر،‭ ‬حيث‭ ‬غابت‭ ‬الرؤية‭ ‬والإرادة‭ ‬لبناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقي،‭ ‬وسادت‭ ‬ثقافة‭ ‬التسطيح‭ ‬والتبوير‭ ‬والاستهلاكية،‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مضمون‭ ‬ومحتوى‭ ‬حقيقى‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬جدار‭ ‬الوعى‭ ‬والولاء‭ ‬والانتماء،‭ ‬وانشغل‭ ‬الناس‭ ‬بتوافه‭ ‬الأمور،‭ ‬وباتت‭ ‬هناك‭ ‬فراغات‭ ‬كثيرة‭

.. ‬لذلك‭ ‬اُستبيح‭ ‬العقل‭ ‬المصرى‭ ‬من‭ ‬إعلام‭ ‬فاقد‭ ‬البوصلة‭ ‬قبل‭ ‬2011 ‬إلى‭ ‬قوى‭ ‬ناعمة‭ ‬مغيبة،‭ ‬إلى‭ ‬سينما‭ ‬ودراما‭ ‬تسيء‭ ‬للمجتمع‭.. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تمرير‭ ‬المؤامرة‭ ‬التى‭ ‬تجلت‭ ‬وظهرت‭ ‬بوضوح‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬فى‭ ‬2011‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬المقدمات‭ ‬دائماً‭ ‬تفضى‭ ‬إلى‭ ‬النتائج‭.‬

يناير‭ ‬2011،‭ ‬أظهرت‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬فينا‭ ‬من‭ ‬أنانية‭ ‬وانتهازية‭ ‬وهشاشة‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬وانتشار‭ ‬سلوكيات‭ ‬وقيم‭ ‬غريبة‭ ‬وشاذة،‭ ‬تعانقت‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬اقتصادية‭ ‬قاسية‭ ‬ومعقدة،‭ ‬وخدمات‭ ‬منهارة‭ ‬وظواهر‭ ‬سلبية‭ ‬كثيرة‭ ‬أساءت‭ ‬للإنسان‭ ‬المصري،‭ ‬مثل‭ ‬العشوائيات‭ ‬وانهيار‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة،‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وغياب‭ ‬الرؤية‭ ‬وإرادة‭ ‬الإصلاح‭.‬

هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬الطويلة‭ ‬تأخذنى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬قوله‭ ‬والرد‭ ‬على‭ ‬المنظرين‭ ‬ومن‭ ‬لديهم‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأسماك‭ ‬والعصافير‭.. ‬فإن‭ ‬‮«‬مصر‭ - ‬السيسي‮»‬‭ ‬تسلمت‭ ‬ميراثاً‭ ‬صعباً‭ ‬وقاسياً‭.. ‬وأنا‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬أعنى‭ ‬فقط‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المنهارة،‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬الأحوال‭ ‬المعيشية‭ ‬وتراجع‭ ‬الخدمات‭.. ‬ففى‭ ‬ظنى‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬الحجر‭ ‬أسهل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬البشر‭.. ‬لقد‭ ‬ورثت‭ ‬مصر‭ ‬ميراثاً‭ ‬وهماً‭ ‬كبيراً،‭ ‬خاصة‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬السلبى‭ ‬سيزيد‭ ‬الوطأة‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬المصرية‭.. ‬وقواها‭ ‬الناعمة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬مشروع‭ ‬وطنى‭ ‬سواء‭ ‬للبناء‭ ‬والتنمية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بناء‭ ‬الوعى‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالوجدان،‭ ‬وخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفهم‭ ‬وتدعيم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭.. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أجزاء‭ ‬الصورة‭ ‬سوى‭ ‬ثقافة‭ ‬الأنانية‭ ‬والانتهازية‭ ‬والاستهلاكية‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬أى‭ ‬وسائل‭ ‬لمقاومة‭ ‬المشروع‭ ‬الخبيث‭.‬

الحقيقة،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬مصر‭- ‬السيسي‮»‬‭ ‬انتبهت‭ ‬جيداً‭ ‬لهذه‭ ‬الأبعاد‭.. ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬حاضرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬بالبناء‭ ‬والتنمية‭ ‬والحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬مواطنيها‭.. ‬تقف‭ ‬إلى‭ ‬جوارهم‭ ‬وتساندهم‭.. ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الإملاءات‭ ‬ولا‭ ‬تركع‭ ‬سوى‭ ‬لله‭ ‬ولا‭ ‬تخشى‭ ‬فى‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬وأمنه‭ ‬القومى‭ ‬لومة‭ ‬لائم‭.. ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬المواءمات‭ ‬أو‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬تهديد‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها‭.. ‬ولا‭ ‬تسمح‭ ‬لأى‭ ‬جماعة‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬أن‭ ‬تتواجد،‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬يقوم‭ ‬بدورها‭ ‬ومسئولياتها‭.. ‬لديها‭ ‬مشروع‭ ‬شامل‭ ‬وكامل‭ ‬لبناء‭ ‬الوطن‭ ‬وبناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬والفهم‭ ‬الصحيح‭

.. ‬دولة‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬الدائم‭ ‬مع‭ ‬مواطنيها‭ ‬بشفافية‭ ‬ومصارحة‭ ‬ومكاشفة‭.. ‬تستعيد‭ ‬بجدارة‭ ‬قواها‭ ‬الناعمة‭ ‬وإعلامها‭ ‬الذى‭ ‬يصدر‭ ‬الطاقة‭ ‬الإيجابية‭ ‬ويغذى‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬المصرية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭.. ‬ترسخ‭ ‬أسمى‭ ‬معانى‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭.. ‬ومثال‭ ‬لذلك‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬فى‭ ‬الندوة‭ ‬التثقيفية‭ ‬الـ‭ ‬37‭ ‬التى‭ ‬نظمتها‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭.. ‬لذلك‭ ‬تعمل‭ ‬‮«‬مصر‭- ‬السيسي‮»‬‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الحجر‭ ‬وبناء‭ ‬البشر‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭.. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بناء‭ ‬البشر‭ ‬هو‭ ‬القضية‭ ‬المحورية‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬إهمالها‭ ‬قبل‭ ‬2011،‭ ‬وكادت‭ ‬تتسبب‭ ‬فى‭ ‬ضياع‭ ‬الوطن‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬مصر‭- ‬السيسي‮»‬‭ ‬ترسى‭ ‬قواعد‭ ‬العدالة‭ ‬والنزاهة‭ ‬والشفافية‭ ‬والمساواة‭ ‬والحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬والبناء‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتسامح‭ ‬والتعايش‭.. ‬دولة‭ ‬فى‭ ‬غاية‭ ‬اليقظة‭ ‬والانتباه‭.. ‬تدرك‭ ‬دورها‭ ‬وواجبها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭.‬

تحية‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسي‭.. ‬الذى‭ ‬تحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬العظيمة‭ ‬فى‭ ‬قيادة‭ ‬مصر‭.. ‬وأنقذ‭ ‬الوطن،‭ ‬وبنى‭ ‬البشر‭ ‬والحجر‭ ‬معاً‭.. ‬وحوّل‭ ‬الأزمات‭ ‬والتحديات،‭ ‬إلى‭ ‬نجاحات‭ ‬وإنجازات‭.. ‬واهتم‭ ‬بكل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الأمين‭.. ‬وتصدى‭ ‬بشجاعة‭ ‬وجرأة‭ ‬ووطنية‭ ‬نادرة‭ ‬ودحر‭ ‬المؤامرات‭ ‬والمخططات‭.. ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬مصرى‭ ‬شريف‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬ما‭ ‬كان‭.. ‬وما‭ ‬أصبحت‭ ‬عليه‭ ‬مصر‭ ‬الآن‭.‬
تحيا مصر

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية