تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

عندما تكون فى الشارع ترى مشاهد وسلوكيات‮ ‬غريبة،‮ ‬لم نكن نعرفها فى المجتمع المصرى،‮ ‬فى الماضى كانت الابتسامة،‮ ‬أو كلمة لامؤاخذة‮ ‬ينتهى الموضوع والمشكلة،‮ ‬وربما‮ ‬يتحول الأمر إلى حوار ودى ونقاش،‮ ‬ونكات متبادلة،‮ ‬أو حديث فى الكرة والفن لكن الأمر الصاعق،‮ ‬عندما ترى مشهداً‮ ‬بعيداً‮ ‬عن هذا الروح،‮ ‬لمجرد أن سيارة خدشت أخرى من الخلف،‮ ‬بدون تعمد أو قصد،‮ ‬وفجأة تجد أن سائق السيارة المتضررة‮ ‬ينزل وبدون تفاهم أو كلمة أو نقاش،‮ ‬أو عتاب،‮ ‬وينزل ضرب وصفع وكأننا فى حلبة ملاكمة،‮ ‬رغم أن الأمر بسيط للغاية،‮ ‬إذا وجدت أضراراً‮ ‬وخسائر كبيرة،‮ ‬يمكن استدعاء الشرطة،‮ ‬للفصل فى الأمر وتطبيق القانون،‮ ‬وهناك نماذج أخرى تبادر على الفور بمجرد وقوع الخطأ،‮ ‬بالنزول من السيارة وتخبر السائق المتضرر بأنه جاهز لكل مطالبه،‮ ‬وإصلاح الأمر على الفور،‮ ‬وهناك من لا‮ ‬يعترف أنه المخطئ،‮ ‬وتبدأ معركة حامية،‮ ‬ويتعطل الطريق‮.‬

خناقات ومشاكل وأزمات وعنف وعصبية لأسباب تافهة للغاية،‮ ‬يعنى‮ »‬مفيش حد عاوز‮ ‬يتحمل كلمة لحد‮«‬،‮ ‬بالبلدى‮ »‬روحى فى مناخيرى‮«‬،‮ ‬وعندما تمشى أمام المدارس فى أوقات الدراسة،‮ ‬تجد أطفالنا لا‮ ‬يتحدثون إلا بلغة العنف والركل،‮ ‬والضرب،‮ ‬والهزار‮ »‬الثقيل‮«‬،‮ ‬وهناك جرائم عائلية،‮ ‬لا تصدق أسبابها،‮ ‬تصل أحياناً‮ ‬إلى حد القتل،‮ ‬وأخرى تحدث بين الأقرباء،‮ ‬والأصدقاء،‮ ‬لذلك ما الذى حدث وتغير فى مجتمعنا،‮ ‬هل رد الفعل العنيف نتاج ارتفاع درجات الحرارة والمناخ القاسى،‮ ‬هل أن جرائم القتل والأشلاء وجثث الأطفال والنساء التى نراها على الشاشات فى الحروب الطاحنة،‮ ‬والصراعات المتلاحقة،‮ »‬هل السوشيال ميديا«؟،‮ ‬وما‮ ‬يعرض عليها من فيديوهات ومضامين،‮ ‬هل المحتوى على وسائل السوشيال ميديا،‮ ‬مثل‮ ‬يوتيوب،‮ »‬وتوك توك‮« ‬وغيرها،‮ ‬هل مشاهد العنف والقتل،‮ ‬التى تتم أحياناً‮ ‬على الهواء أصبحت مألوفة،‮ ‬ولم‮ ‬يعد‮ ‬يمكن السيطرة عليها حيث كان الماضى،‮ ‬هناك الزام بوضع تحذير أو تنبيه بمنع مشاهدة الأطفال أو من هم دون الـ‮ ‬18‮ ‬عاماً‮ ‬على بعض المواد والأفلام والمحتوى‮.‬

هل باتت‮ »‬التكنولوجيا‮«‬،‮ ‬كارثة بكل المقاييس،‮ ‬وهل التطور فى وسائل الاتصالات نكبة إنسانية،‮ ‬ترتكب بواسطتها،‮ ‬وتعرض تفاصيلها جرائم السرقة والنصب والاحتيال والإرهاب،‮ ‬والقتل،‮ ‬وبث الأفكار المتطرفة،‮ ‬والشاذة،‮ ‬والسلوكيات المحرمة التى تخالف مبادئ الأديان،‮ ‬والأخلاق والطبيعة البشرية‮.

‬ الأسباب كثيرة،‮ ‬وعديدة،‮ ‬لكنها حائرة فكل ما‮ ‬يحيط بنا فى العالم،‮ ‬بات سبباً‮ ‬وتأثيراً‮ ‬على حياتنا،‮ ‬أصبحنا نعيش فى‮ ‬غرفة واحدة،‮ ‬شعوب عديدة وثقافات وسلوكيات،‮ ‬وأفكار مختلفة،‮ ‬وصراعات فكرية،‮ ‬وعقائدية،‮ ‬وجماعات مشبوهة وخلايا إلكترونية موظفة،‮ ‬ومدفوعة،‮ ‬لم نعد نستطيع القول إن الإعلام والدراما والسينما والشارع الموضوع أكبر من كل ذلك،‮ ‬فلم تعد السيطرة على الأبناء أو الأطفال أمراً‮ ‬بسيطاً،‮ ‬أو حتى الكبار،‮ ‬فالجميع أدمنوا الإمساك والتركيز والانشغال فى‮ »‬التليفون‮« ‬المحمول،‮ ‬الذى‮ ‬يحمل كل تفاصيل العالم تستطيع الوصول به إلى كل ما‮ ‬يجرى من مواقع إلكترونية،‮ ‬وسوشيال ميديا مختلفة ومتعددة الألوان والأشكال،‮ ‬تتابع أى شىء فى ذات اللحظة،‮ ‬وتتعرف على كافة الثقافات والسلوكيات،‮ ‬أفكار دينية،‮ ‬أو إباحية أو إرهابية،‮ ‬أو رياضية،‮ ‬كل شىء موجود قبل عقود قليلة كان الأمر قاصراً‮ ‬على الصحف الورقية،‮ ‬وشاشات تليفزيونية محددة،‮ ‬تغلق مع منتصف الليل،‮ ‬أو بعده بساعات معدودة،‮ ‬لذلك فإن أسباب العنف والقتل،‮ ‬والإرهاب،‮ ‬والتطرف،‮ ‬لا تستطيع الوصول إلى سبب معين،‮ ‬أو تمسك بتلابيب دوافع بعينها،‮ ‬فليس التطور الهائل الذى نعيشه سبباً‮ ‬ربما أيضاً‮ ‬فإن انشغال الأسر واختلاف طبيعتها،‮ ‬وطبيعة الحياة الصعبة فى ظل عالم‮ ‬يتطاحن ويتقاتل،‮ ‬والشماعة التى‮ ‬يعلقها الجميع نحن نعمل ليل نهار حتى نحسن معيشة الأولاد وتوفير الحياة الراقية لهم،‮ ‬والتعليم فى المدارس الشهيرة،‮ ‬رغم أن رموز العالم،‮ ‬فى كافة المجالات،‮ ‬تعلموا فى مدارس بسيطة ومتواضعة وربما نتهم المدرسة،‮ ‬بسبب‮ ‬غياب الانضباط وتراجع دورها،‮ ‬أو نتهم المؤسسات الدينية وتقصيرها فى بعض الفترات،‮ ‬أو المؤسسات التعليمية والتوعوية والثقافية،‮ ‬والفنية،‮ ‬لكن كل هذه الاجتهادات لا تضع تفسيراً‮ ‬لأسباب ما‮ ‬يحدث فى العالم،‮ ‬بل‮ ‬يمكن وضع كل هذه الأسباب معاً‮ ‬سواء منذ الصغر والشباب،‮ ‬وما‮ ‬يتعرض له الفرد من تربية وتعليم وما‮ ‬يحيط به من مجتمع،‮ ‬وما‮ ‬يتلقاه من مضامين ومحتوى وأفكار،‮ ‬أو مشاهد لنتائج وكوارث الصراعات والحروب،‮ ‬فهناك دول شعوبها تقتل بعضها البعض،‮ ‬لا‮ ‬يرحمون الأطفال والنساء والعجائز،‮ ‬وهناك أيضاً‮ ‬حروب إبادة،‮ ‬تدمر كل شىء،‮ ‬وتقتل الأطفال بدم بارد والنساء والأبرياء،‮ ‬والعدوان الإسرائيلى نموذج للبربرية والوحشية،‮ ‬وسائل الإعلام تعرض مشاهد القتل والجثث،‮ ‬لذلك تبلدت المشاعر والاحاسيس وباتت مشاهد القتل مألوفة وعادية،‮ ‬سواء فى الواقع أو على شاشات السينما العالمية تحت‮ ‬يافطة أفلام الأكشن والرعب‮.‬

لا‮ ‬يمكن أن نتجاهل أيضاً‮ ‬التداعيات الاقتصادية للأزمات والحروب والصراعات العالمية والإقليمية،‮ ‬وما تخلفه من أثار سلبية وانعكاسات قاسية على الشعوب ومعاناة معيشية تزيد من حدة الضغوط على النفس البشرية،‮ ‬هناك أيضاً‮ ‬أسباب أخرى أبرزها،‮ ‬أن ما‮ ‬يبث من إعلانات تمثل طبقة فئة معينة فى المجتمع،‮ ‬أو ما‮ ‬يتمتع به النجوم فى الفن،‮ ‬والرياضة من مستوى أسلوب حياة‮ ‬يصيب الشباب من الطبقات البسيطة والمتوسطة بالإحباط لأن حجم التطلعات لديه أصبح‮ ‬يصل إلى حياة نجوم المجتمع،‮ ‬من أثرياء ونجوم فن ورياضة،‮ ‬لذلك تحدث بداخله حالة من الاضطراب النفسى،‮ ‬والخلل والعجز ما بين القدرة والطموح‮.‬

الحقيقة أننى أرى العلاج الأهم والأبرز هو خلق حالة من الرضا،‮ ‬وسعة الأفق والتوازن الداخلى،‮ ‬لن تتأتى إلا بالتربية التى تعتمد على الأخلاق والفضائل والتركيز على البناء الدينى الصحيح،‮ ‬والأفكار التى تبنى الشخصية القوية المتسقة مع الذات والمتسامحة،‮ ‬والمنفتحة،‮ ‬والمرتكزة على أصول ومبادئ وتقاليد وثقافات المجتمع لبناء مقاومة،‮ ‬وقاعدة حماية شديدة الصلابة‮.‬

المجتمع أيضاً‮ ‬أو بمعنى آخر المسئولون لابد من خلق حالة من التفاؤل والسعادة ونشر الأمل،‮ ‬وبناء الشخصية والهوية وإطلاق مبادرات بسيطة،‮ ‬فقد اختفت كرنفالات ومهرجانات الزهور وأيضاً،‮ ‬النكتة التى عرفها المصريون،‮ ‬والمونولوج الهادف،‮ ‬وتعدد ألوان الغناء الراقى،‮ ‬ولابد من استعادة الفن الشعبى والموال،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن نركن لشماعة الأزمات الاقتصادية نتاج الحروب ولكن نقاومها بالأمل والتفاؤل والأخلاق والفن‮.‬

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية