جلست أنا والكاتب الصحفى ياسررزق وعمنا الأستاذ فاروق الشاذلى - رحمة الله عليهما - لنرتب صفحات كتابنا «خفايا حرب أكتوبر» وقررنا أن نبدأ بأهم حدث فى الحرب وهو «الضربة الجوية الأولى» التى فتحت باب الحرية وأذهلت الإسرائيليين وشلت تفكيرهم وبترت ذراعهم التى ادعوا أنها طولى .

كانت بداية كتابنا مع اللواء طيارحسنى مبارك وهو رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت واخترنا مشهده وهوفى غرفة عمليات قواتنا الجوية صباح السبت 6أكتوبر1973حيث كان الهدوء الحذر يلف المكان وقائدها يصدرأوامره صباحا بإقلاع بعض الطائرات حتى تلتقطها رادارات العدو ويبدو الأمر طبيعيا وعندما وصلت الساعة الى الواحدة والنصف من بعد الظهر حلقت قاذفاتنا من طراز «التوبوليف» فوق منطقة التل الكبير بمحافظة الشرقية وكانت مهمتها ضرب أهداف للعدوفى عمق سيناء .

وبعد 10دقائق أعطى مبارك أوامره باقلاع 240 طائرة من مختلف قواعدنا لتحلق على ارتفاعات شديدة الإنخفاض وتعبر قناة السويس نحو أهدافها فى عمق سيناء ويعطى أحد معاونى مبارك التمام بأن الطيارين نفذوا الأوامر وأقلعت الطائرات  واتجهت شرقا .. ويقول مبارك «يا رب «أخيرا جاءت اللحظة التى تنتظرها مصر ولقد استعددنا جيدا وأعددنا الرجال والتوفيق من عند الله وأنا واثق بقدرات نسورنا .

فى الصباح ذهب مبارك الى مكتبه وتابع التحضيرات وأصدر  توجيهاته الى رئيس العمليات وعقد لقاءات مع قادة وحدات الطيران حتى اقتربت ساعة الصفر.. وعندها دق جرس التليفون وسأل قائد الطائرة الخاصة بمبارك عن موعد السفر الى ليبيا والذى كان ضمن خطة الخداع  وذلك بإعلانه السفر الى طربلس فى الساعة الحادية عشرة صباح 6 أكتوبر وأرجأ سفره ساعة وراء أخرى حتى جاءت مكالمة قائد الطائرة فرد عليه مبارك بكلمتين: «الحرب بدأت» ..وكان نسورنا فى هذا الوقت يحلقون  بسماء سيناء ويضربون أهدافهم بدقة متناهية .

يسرح قائد قواتنا الجوية ويقول هؤلاء النسور تتلمذواعلى يدى لأننى بعد 5أشهر من نكسة يونيو تم تكليفى بمنصب مدير الكلية الجوية وأعددت عددا من الطيارين الأكفاء استعدادا للمعركة وتخرج على يدى فى عام ونصف 6 دفعات من الطيارين وأنا برتبة العقيد .. وتتواصل المعارك وينتهى اليوم الأول بهزيمة ساحقة للعدو فى 6 ساعات ويستكمل نسورنا مهامهم فى اليوم التالى بالتصدى للهجوم الإسرائيلى  المضاد.. وللحديث بقية.