جاءتنى حزينة ساخطة على الدنيا ومن فيها، لأنها أعطت ولم تأخذ، زرعت الوفاء وحصدت النكران. قالت إنها تحب الحياة وتسعد بأن تجمع الناس حولها قلت لها: الغلطة غلطتك وليس غلطة من حولك. فأنتِ بطبيعتك متسرعة.

زرعت وتوقعت أن تحصدى فى أربع وعشرين ساعة!

لا توجد بذرة تتحول إلى شجرة مثمرة فى ساعات، تحتاج إلى وقت طويل لرعايتها وريّها، حتى تزدهر وتثمر.

أما أنتِ فمعظم علاقاتك الاجتماعية « طيارى» للخروج والفسحة. لو ضحيت من أجل صديقة أو زميلة، تصورت أنك اشتريت تذكرة دخول إلى عقلها وقلبها، وأصبحت من بقية أهلها. توهمتى أنك أقرضتى وستحصلين على قرضك بالفوائد المركبة.

فرق شاسع بين العطاء والقرض، فالعطاء لا يُسترد، ولا يمنح أرباحًا، وقد تقدمين الخير اليوم وتنظرين حولك فلا تجدين سوى الجحود والنكران، وقد تعيشين طويلًا تعطى الناس دون أن تجدى أثرًا لهذا العطاء، تأكدى أن هذا الخير سيغمر أبناءك وأحفادك.

قالت: ما أعرفه أن الله يكافئ المحسن ويعاقب المسىء.. ولا يرضى بالظلم أبدًا. قلت: هذا صحيح، لو أنك تعرضت لظلم فعلًا فإن الله يمهل ظالمك ولا يهمله. يؤجل أحيانًا العقاب والثواب، ولكنه لابد أن يضع لكل ظلم نهاية. كل ما أطلبه منك أن تصبرى. اجلسى على حافة النهر وسوف يحمل لك التيار جثة ظالمك. حاولى أن تقاومى المرارة وتكبتى رغبة الانتقام خاصة لو كان قاهرك - فى هذه اللحظة - أقوى منك. كل ما هو مطلوب منك أن تقاومى الهزيمة واليأس، ولا تستسلمى.

أعرف رجالًا ونساء تعرّضوا لأزمات ونكران للجميل. شهر بهم خصومهم وداسوا عليهم بالأقدام. ورغم كل هذا الظلم والجبروت، استمروا فى حياتهم يقاومون ويبحثون عن الجمال بعيدًا عن القبح، وانشغلوا بإيجابيات الحياة متناسين سلبياتها!

.. ودارت الأيام،

وإذا بالظالم يتجرد من سلاحه فجأة ويتحول الفرعون إلى أرنب، والأسد إلى ذئب. يعود الحق إلى أصحابه دون أى عناء من جانبهم.
فالحق لابد أن ينتصر فى النهاية.

لا تيأسى يا سيدتى ولا تلومى نفسك أبدًا على الحب والرعاية والعطاء التى تمنحينه لكل من حولك، لكنى أنصحك بأن تتريثى فى علاقاتك الاجتماعية، وتحاولى أن تكونى أكثر دقة فى اختيار الصديقات.

 حاولى ألا تدخلينهن فى تفاصيل حياتك الخاصة. اجمعى حولك من يسعدك من الناس، ولكن انتقى منهم من يستحق ثقتك ووفاءك.

لا تحزنى، اجلسى على حافة النهر وسيحمل لك التيار جثة من ظلمك.