تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مصر تتحدث عن نفسها.. والعالم ينصت
أعتذر للقارئ الكريم عن عدم استكمال سلسلة مقالاتنا «الجماعة الكارهة ..وتحالفاتها مع الصهيونية وأذرعها « وسنعاود استكمالها لاحقا..وذلك نظرا لأن «قمة شرم الشيخ « فرضت نفسها على العالم وعلى كل المستويات...ففى لحظةٍ نادرة من التاريخ، عادت شرم الشيخ لتحتضن العالم وتمنحه درسًا جديدًا فى فن إدارة الأزمات وصناعة السلام... فحين لاحت الشمس فوق جبالها الذهبية، لم تضيء فقط مياه البحر الأحمر، بل أضاءت وجه مصر وهى تتحدث عن نفسها من جديد… لا بصوت القصائد، بل بصوت الفعل والإنجاز والقدرة على تحويل الحلم إلى حقيقة.. فمن أرض السلام وقيادة السلام التى يمثلها الرئيس المقتدر عبد الفتاح السيسي، خرجت وثيقة «سلام غزة» إلى النور، لتسجل صفحة جديدة فى التاريخ الحديث للمنطقة، وتؤكد أن القاهرة لا تكتفى بدور المتفرج، بل تصنع التاريخ بيديها، وتكتب فصوله بحكمة قيادتها وإصرارها على أن يكون السلام فعلًا مصريًا أصيلًا.
فلقد أثبتت قمة شرم الشيخ ، أن مصر حين تتحرك، فإن العالم يصغي. وحين تتحدث، فإن صوتها يحمل صدًى يمتد من المحيط إلى الخليج.. فمنذ أن بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى جهوده المكثفة لوقف نزيف الدم فى غزة، وهو يؤكد أن مصر لا تسعى إلى مكسب سياسى عابر، بل إلى ترسيخ مبدأ إنسانى وحضاري: أن السلام العادل هو الضمان الحقيقى للأمن. فكانت كلمات الرئيس السيسى فى افتتاح القمة بمثابة بيان تاريخى جديد: مصر لا تفرض وصاية على أحد، لكنها تحمل همّ الجميع، وتتحرك بدافع المسئولية لا المصلحة. ودعا إلى سلام شامل، لا يقتصر على هدنة مؤقتة، بل يمتد ليشمل إعادة إعمار، وتضميد جراح، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. كان يتحدث بلغة القائد الذى يعرف متى يصمت ليصغى للعالم، ومتى يتكلم لتُصغى له الدنيا.
فى تلك اللحظة، بدت مصر وكأنها تستعيد روحها القديمة التى نطقت بها أم كلثوم حين قالت: «وقف الخلق ينظرون جميعًا كيف أبنى قواعد المجد وحدي». فهى تبنى مجدها اليوم من جديد — لا بالحروب، بل بالسلام، لا بالانغلاق، بل بالانفتاح، لا بالشعارات، بل بالمسئولية والعمل. فلقد كانت الوثيقة التى وُقعت فى شرم الشيخ، بحضور زعماء العالم، لم تكن وليدة صدفة أو تسوية عابرة، بل كانت ثمرة رؤية مصرية ناضجة رسمت ملامحها القيادة السياسية عبر سنوات.
القاهرة كانت تدرك منذ البداية أن الحل فى غزة لا يمكن أن يكون جزئيًا أو هشًا، بل يجب أن يكون شاملًا، قائمًا على التزام متبادل، وضمانات حقيقية، ومشاركة دولية. ولهذا، جاءت وثيقة «سلام غزة» بمضامين غير مسبوقة..«وقف دائم لإطلاق النار، تبادل للأسري، إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، تمهيدا لإدارة فلسطينية انتقالية، وفتح أفق سياسى يعيد القضية إلى طاولة الحل العادل». فكانت وثيقة وُقعت بالحبر المصري، وبماء التجربة، وبثقة العالم فى كلمة القاهرة.
لقد قالها السيسى بوضوح فى كلمته أمام القادة: إن السلام لا يُصنع بالشعارات، بل بالنيات الصادقة، والعمل الدؤوب، والإيمان بحق الشعوب فى الحياة هكذا تحدثت مصر عن نفسها ــ كأمٍّ تعرف أبناءها جميعا، وتحتضنهم رغم اختلافهم، وتذكّر العالم بأن صوت الحكمة لا يعلو عليه. فما بين قاعات المؤتمر ومشاهد التوقيع، شعر الجميع أن الدور المصرى لم يعد «وساطة» فى الظل، بل كان قيادة فى الضوء.
فمصر هى الدولة الوحيدة التى استطاعت أن تجمع الفرقاء على طاولة واحدة، وأن تُقنع الأطراف المتنازعة بأن السلام ليس استسلامًا، بل انتصارا للإنسانية. كانت القاهرة تتحرك بخطى هادئة، واثقة، تراكم جهودها فى صمت، حتى جاء اليوم الذى تحصد فيه ثمار هذا الصبر التاريخي.
لقد تحولت شرم الشيخ مرة أخرى إلى مرآة تعكس وجه مصر الحقيقي: الدولة التى تبنى حين يهدم الآخرون، وتصلح حين يتخاصم العالم. ان الإعلام الدولى حينما يتحدث عن وثيقة شرم الشيخ، فإنه لا يكتب عن اتفاق فقط، بل عن معجزة دبلوماسية صاغتها مصر بعزمها وثباتها. فرسالة مصر إلى العالم كانت واضحة، أن من يريد أن يعرف طريق السلام، فليأت إلى القاهرة. ومن يبحث عن الحكمة، فليصغ إلى صوتها. إنها الدولة التى علّمت التاريخ معنى الاستقرار، والتى تحوّلت فى شرم الشيخ إلى ضميرٍ ناطقٍ للعالم العربي، وصوتٍ للعقل فى زمنٍ يتغلب فيه الغضب على الحكمة. ولعل ما كان يميز الموقف المصرى أنه لا يكتفى بإدارة الأزمات، بل يسعى لتغيير مسارها. فبينما كانت تنشغل القوى الكبرى بحسابات الربح والخسارة، كانت القاهرة تنظر إلى الإنسان قبل الأرض، إلى الطفل قبل السياسة، إلى الحق قبل القوة. لقد تحدثت مصر عن نفسها كما لم تفعل من قبل، بهدوء المتمكن، ووقار القائد، وصوت من يعرف أنه لا يحتاج إلى ضجيج ليُسمع، ولا إلى مجاملة ليُحترم. فحين تحدث الرئيس السيسى عن مصر، فإن كلماته لا تصدر عن سياسة فقط، بل عن إيمانٍ عميق بأن هذه الأرض خُلقت لتقود، لا لتتبع؛ لتبني، لا لتهدم؛ لتكتب، لا ليكتب عنها. ومن شرم الشيخ خرج صوت مصر ليملأ الفضاء: «أن السلام لا يولد إلا فى أرضٍ عرفت قيمة الإنسان، وأن هذه الأرض هى مصر». فمن شرم الشيخ إلى غزة، ومن القاهرة إلى العالم، مصر كتبت الصفحة الجديدة من تاريخ الشرق الأوسط بأياد مصرية صافية... «نعم... مصر تحدثت عن نفسها… والعالم كله أنصت»...
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية