تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

إفريقيا تخلع ثوب فرنسا

يبدو أن إدارة الرئيس الفرنسى ماكرون أصبحت كالبطة العرجاء التى لم تعد قادرة على الخروج من دوائر الخطر المحيطة ببلادها داخليا وخارجيا، فلم تستفق فرنسا بعد من أزمتها الداخلية مع شباب المهاجرين والأقليات الغاضبة الذين يرون أن العنصرية استوطنت هذه الدولة، ومن شباب غاضب يعيش فى الداخل إلى شباب وأجيال جديدة كبرت وأدركت فى دول غرب إفريقيا أن لبلادهم موارد وثروات ومع ذلك هم الأفقر فى العالم، فهناك بعيدا فى النيجر يثور الشعب على غطرسة فرنسا ونهبها لثرواته، تأتى النيجر فى طليعة الدول التى تقع فى بؤرة اهتمام فرنسا فهى تحتل موقعا خاصا فى إستراتيجية الأمن القومى الفرنسى منذ بدأت عام 1971 عبر شركة أريفا فى الاستحواذ على استخراج اليورانيوم منها وتمد النيجر الطاعنة فى الفقر فرنسا بـ 35% من احتياجاتها من الطاقة النووية.

 

فرنسا خائفة من ضياع النيجر من بين فكيها كما ضاعت من قبل مالى وبوركينا فاسو خاصة بعد تنامى النشاط الصينى والروسى الذى قلص حصتها من الأسواق التجارية فى المنطقة وزاحمها فى الصفقات والاستثمارات، فباريس لم تعد محل ترحيب فى منطقة غرب إفريقيا . النيجر على خطى مالى التى ما إن رفعت أعلام فرنسا احتفالا بطلائعها العسكرية عام 2013 لتحرير شمال ووسط البلاد حتى عادت وقامت بحرق هذه الأعلام. يرى الجيل الجديد من الشباب الإفريقى أن فرنسا تطبق أساليب استعمارية مدعمة بإستراتيجيات الجيل الجديد من الاستعمار للحفاظ على نفوذها ونهب موارد القارة، ويرى الشباب أيضا أن باريس تحاول الاستفادة من وجود حركات إرهابية للحفاظ على شرعية وجودها العسكرى علما بأن هذا الوجود فى دول الساحل الإفريقى قد زعزع الأمن هناك.

لم تتورع فرنسا فى اسقاط أنظمة سياسية ديمقراطية بالقوة لمجرد أنها لاتتفق معها فى السياسات، ولكى تحكم سيطرتها على دول غرب إفريقيا ارتبطت معهم باتفاقيات تعاون نقدى تحت مسمى الاتحاد الاقتصادى والنقدى لغرب إفريقيا ويضم 8 دول هى بنين، بوركينا فاسو ،ساحل العاج، غينيا بيساو، مالى، النيجر، السنغال وتوجو وكانت فرنسا تستفيد من إيداع نصف احتياطات النقد الأجنبى الخاص بالبنوك المركزية لدول المنطقة لمصلحة الخزانة الفرنسية مقابل ربط عملة الفرنك الإفريقى بالفرنك الفرنسى سابقا مما جعلها تسهم بشكل مباشر وغير مباشر فى هندسة أنظمة الحكم فى المنطقة.

الآن يصف الأفارقة فرنسا بالشراسة تجاه كل من يقف فى وجه وجودها ويوصف الاستعمار الفرنسى بكونه الاستعمار الوحيد الذى ظل يحافظ على الكثير من مصالحه الاقتصادية والثقافية والأمنية فى مناطق نفوذه فى غرب إفريقيا. لم تعد فرنسا الآمر الناهى فى غرب إفريقيا ولم تعد المنطقة سوقا محمية لباريس وتزداد الانتفاضات الرسمية والشعبية فى غرب القارة يوما بعد يوم بسبب ممارسات فرنسا الاستعمارية وترغب الشعوب فى الخروج من عباءة الفرنسيين وتحقيق الاستقلال التام وحماية سيادتهم من الغطرسة الفرنسية. لم تتعامل فرنسا مع مستعمراتها السابقة فى إفريقيا بمنطق النوايا الحسنة والآن تريد سكب مزيد من الزيت على النار مرة بإيعازها لمنظمة إيكواس بالتدخل العسكرى لقمع الانتفاضة فى النيجر ومرة بتصريحها المضحك بتعليق الدعم وميزانية التنمية والمساعدات، أى دعم وأى مساعدات وفرنسا تعيش على نهب اليورانيوم الذى يمدها بـ75% من طاقتها الكهربية، ومن المعروف أن كل ثلاث لمبات مضيئة فى فرنسا هناك واحدة مضاءة فى النيجر، كما أن فرنسا لا تمتلك منجم ذهب واحد ومع ذلك فلديها رابع أكبر احتياطى بالعالم من الذهب (2436 ) طنا وهنا فتش عن مالى ثالث أكبر منتج للذهب فى إفريقيا فهى منجم ذهب إفريقيا، تركتها فرنسا بلا أى احتياطى مقابل حمايتها من الإرهاب.

إن فرنسا الآن تواجه وضعا خطيرا شديد التقلب فى الداخل وغرب إفريقيا ولن تصلح معه خلطة التكبر والعنصرية والاستغلال الاقتصادى والتدخل العسكرى فلن يعود الزمن إلى الوراء ولن تعود إفريقيا إلى كنف باريس حتى وإن نجحوا هذه المرة فى كسر شوكة الانتفاضات.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية