أعلن كمال الملاخ عام 1976 إطلاق أول مهرجان سينمائى دولى فى مصر «القاهرة السينمائى» عبر جمعية كتاب ونقاد السينما، بجهود ذاتية، وبمساندة كبيرة من «الأهرام» التى احتضنت الاجتماعات الأولى بمكتبه، حتى خصص يوسف السباعى وزير الثقافة، مقرًا للجمعية فى عمارة فخمة بوسط البلد، فى زمن كان فيه وعى حقيقى بقيمة الفنون. كنت شاهدًا على تلك البدايات حين ضمّنى الملاخ لفريق صفحته الشهيرة «من غير عنوان». رأيت كيف التف حول المشروع كبار الكتاب، وكيف تكفلت الأهرام بجانب من نفقات استضافة النجوم. تولى يوسف السباعى رئاسة الأهرام 1976، فاختير رئيسًا فخريًا للمهرجان، وكان حضوره إلى جوار الملاخ أساسيًا فى افتتاحات رئيس الوزراء ممدوح سالم للدورات الأولى.

غير أن اغتيال السباعى فى قبرص 1978 على يد فلسطينيين، ثم رحيل خلفه على حمدى الجمال بأزمة قلبية العام التالى، قللا دعم الأهرام المهرجان. وفى 1983، ومع ترك الملاخ الإشراف على صفحته، استحوذ وزير الثقافة عبدالحميد رضوان على مهرجان القاهرة، وألغى مهرجان الإسكندرية الذى أسسه الملاخ أيضًا، بحجة أن المهرجانات الدولية شأن وزارى وليس للجمعيات الأهلية!

أعيد «الإسكندرية السينمائى» لاحقًا بعد رحيل الملاخ مقهورًا بمحاولات سلب إنجازاته. يومها نعاه رضوان فى الأهرام بكلمات مؤثرة أقرب إلى الاعتذار، ثم مات. ليوارى الرجلان الثرى فى يوم واحد! بقى اسم الملاخ محفورًا كأول من فتح لمصر نافذة دولية على فن السينما، إلى جانب كشفه الأثرى العظيم «مراكب الشمس». ورسّخ دور الأهرام كحاضنة للمشروعات الثقافية الكبرى.. ما زرعه مازال يثمر حتى اليوم.