تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

لو ضحكنا لتغيّر التاريخ!

فى رائعته الخالدة، دوريان جراى، يقول أوسكار وايلد، على لسان أحد أبطال روايته، وهو اللورد المثقف هنرى واتون: إن صدرى ليتسع لكل شىء لكنه يضيق بالشقاء. إن الشقاء بشع، كريه، ويكسر القلوب. نحن يجب أن نهتم بألوان الحياة الزاهية، وبجمالها، وأفراحها، وننسى أوجاعها.. ثم يضيف: لو أن رجل الكهف تعلم كيف يضحك لتغير مجرى التاريخ.

 

.. المعنى نفسه، أو شبيه له، أوضحته الراحلة الجميلة، صاحبة الصوت البلورى الرائق، ليلى مراد، حين غنّت من كلمات أبو السعود الإبيارى، ولحن محمد القصبجى، اضحك كركر، إوعَ تفكر، حلوة الدنيا، زى السكر. وطبعا هى لم تكن تدعونا إلى التوقف عن التفكير بمعنى تشغيل العقل لكن عن التفكير بمعنى شَيَلان الهم، كفانا وكفاكم الله شر الهموم. إن الهم ليس وراءه إلا حرق الدم، ويورثنا الشقاء والقلق والأرق والأمراض، والعياذ بالله.

.. ولعل ما يكمل هذا المنطق الذى يختصر سر الحياة فى الضحك تأكيدات الراحل الفذ الأمير فريد الأطرش المشدَّدة بأن الحياة حلوة بشرط أن نفهمها.. فهل سيادتك حقا تفهم الحياة؟.. راجع نفسك.

اسمع. إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا فلماذا الإصرار على الكآبة والاكتئاب والاشمئناط ولَويَة البوز كأنك شامم حاجة وِحشة؟.. أعلم يا حبيب والديك أنك لست أنت مركز الكون، وستدور الدنيا بك أو بدونك، فتوقف يا عمنا عن تبكيت نفسك وانتقادها فى الرايحة والجاية، وعن إدمان الإحساس بالذنب وتعذيب الذات. أنت يا باشا مجرد إنسان..!

يعنى اعمِل إيه بالضبط؟.. أولا، فَتِش عن الضحك بإبرة خياطة، وابعد عن النكد قدر المستطاع، ولا تخالط أصحاب الطاقة السلبية الشاكين الباكين المحزونين. ابعِد عنهم خالص الله يخليك.

وثانيا، تخلص يا أستاذ نهائيا من حكاية أنك مظلوم، ومِش واخد حقك، وتأكد من أنك (واخد حقك وزيادة) لكنك طماع غافل لا تدرك شوال النِعَم التى يغدقها عليك خالقك ليل نهار. ألم تفطر وتشرب شايًا فى هذا الصباح؟.. ألم تدخل بيت الراحة وربك سهلها؟.. ألم تتنفس فملأ الهواء رئتيك.. ألم ترتدِ ملابسك؟.. فماذ تريد أكثر من ذلك؟ إن الحياة يا مولانا ما هى إلا شحن وتفريغ.. ألم تشحِن؟.. ألم تُفرِغ؟.. يا أخى احمِد ربك.. فيه إيه؟

ثالثا، دعك من حديث الفلوس والثروة الممجوج هذا فلا يوجع القلب ويتعب الدماغ مثل هذا الحديث. إن كل الناس من حولك، لو كنت لا تدرى، فقراء حتى لو امتلأت خزائنهم بالذهب والفضة وعقود الامتلاك. هل اطّلعتَ حضرتك على أسرارهم وما يخفون؟.

رابعا، انسَ يا محترم مقارنة نفسك بالآخرين فما مات هَمًّا إلا من يراقب الناس. ولاشك فى أنك تعرف حكاية الشِوال.. ألا تعرفها؟.. معقول؟.. طيب اسمع. تقول الأسطورة إن الناس خرجت تجأر بالشكوى للخالق سبحانه راغبين فى تغيير شوال الهموم الذى يثقل كواهلهم فقال لهم الرحمن ادخلوا مخزن شوالات الهموم فاختاروا منه ما يعجبكم.. بحثوا وفتّشوا فلم يجد كل واحد أخف من شواله فحمله وخرج.. احمل يا كابتن شوالك وأنت ساكت.

خامسا، لا تُعطِ عقلك لأحد، ومهما قالوا لك إن فُلانا قال عنك كيت وكيت، وإن عِلّانا تحدث عنك بِكذا وكذا، فلا تسمع لهم، واعلم أنهم إنما يستدرجونك لبحر همومهم.. فحذار أن تقع فى (الخَيّة)!.

وسادسا، عِدّْ غنماتك يا جحا، بمعنى أن تمسك ورقة وقلما وتكتب ما تمتلكه، ليس من الفلوس فقط، بل من الصحة، والعيال، والزوجة الصالحة، والعمل، والأصدقاء، ولا تنسَ أن تكتب كم رغيفا أكلت، وكم كوب ماء شرِبت، وكم قرص طعمية بلعت.. وهكذا. المهم أن تفعل ذلك وأنت تضحك، إذ لو أن رجل الكهف الكئيب كان قد تَعلّمَ كيف يضحك لتغير مجرى التاريخ.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية