تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > سمير الشحات > كبار السن وعذاب التكنولوجيا!

كبار السن وعذاب التكنولوجيا!

أن تدير التكنولوجيا الحديثة لنا حياتنا اليومية، من الألِف إلى الياء، فيه ولا شك مخاطر جَمّة، ومغامرات لا يقدر عليها إلا الفتية من الأجيال الجديدة.. وأما كبار السن، الذين بلغوا السبعين أو كادوا، فليس لمأزقهم من دون الله كاشفة.

.. إليك مثالان: أولا، إنك وأنت العجوز الفانى، السائر بخطىً وئيدة واثقة نحو الفناء، لتدخل على الموبايل لتدفع فاتورة الكهرباء لمنزلك، فإذا أشاوس التكنولوچيا يصفعونك فيكتبون لك، فاتورتك أقل من المستوى المطلوب دفعه. يعنى إيه؟.. يعنى يا ظريف المعانى أنك سوف تُضطر حتما للذهاب إلى مقر الشركة لتعرف سر الخلطة، وماذا بالضبط حدث. نعم، غصبا عن نِن عينك ستذهب، أنت الكليل الذى استعصت عليه قدماه، وعاندتاه، فلم يعد يستطيع الحراك.

والمثال الثانى، أنك إذا كنت - لا مؤاخذة فى الكلمة، عجوزا، وأردت زيارة المستشفى، أو الطبيب، فماذا تفعل؟.. اطلب أوبر. عظيم.. وكيف يا سادتى أطلبه والأبليكيشان أمامى على الشاشة كرقعة الشطرنج المعقدة؟.. كيف يتصرف عجوز، خاصةً لو لم يكن له ولدٌ أو بنت ينقذانه؟

إننا فى مصر لدينا نحو عشرة ملايين مُسِن، بحسب بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء فى عام 2025... فكيف يتعامل هؤلاء مع هذه التكنولوچيا التى تتطور يوما بيوم، بل ساعة بساعة؟.. الناس يتساءلون.

.. وثمة قضية أخرى، وهى أن تطبيقات التكنولوچيا المعاصرة سوف تؤدى إلى اختفاء عشرات الوظائف التقليدية.. فمن أين يكتسب هؤلاء عيشهم؟.. تريد مثالا؟..إليك مثلا مثلا موظف تحصيل فواتير عدادات النور والمياه والغاز بالمنازل، ماذا يفعل والعدادات مسبقة الدفع تنتشر ببيوتنا انتشار العناكب بالأسقف؟

.. وأمرٌ ثالث، موظفو البنوك. تخيل سيادتك لو أن كل أفراد الشعب نجحوا فى هضم واستيعاب كيفية إجراء معاملاتهم كلها كلها على الأون لاين فلم يذهبوا إلى أفرع البنوك، هنالك ستصير تلك الأفرع خاوية على عروشها، إلا من موظفيها. هل رُحتَ حضرتك حديثا إلى أحد الفروع ورأيت الجالسين فوق مقاعدهم شاخصى الأبصار؟ أليسوا كلهم من كبار السن المساكين؟.. فماذا لو لم يذهبوا إلى هناك؟

..ثم نأتى إلى رابعة الأثافى.. إن كان للأثافى رابعة. كبار السن وطلب الدواء. قديما، عندما كان هؤلاء الكبار يريدون دواءً، كانوا يتوجهون إلى الأجزخانة القريبة منهم. اليوم، وهم الذين باتت تئِنُ من تحتهم سوقهم، ومن فوقهم الرءوس، فإنهم لابد وأن يصوروا عُلب الدواء بكاميرا الموبايل، ثم، قال إيه، يرسلونها بالواتس آب إلى الصيدلية. كيف يا خلق الله ونحن لا لنا فى الكاميرات، ولا الواتسات، ولا حتى الموبايلات أصلا.. وليس لنا أبناء لنا متفرغون؟

طبعا، ومن بدهيات الأمور فى بلدنا هذا، فى زمننا هذا، فى ساعتنا هذه، فإن كبار السن لا شك ينقصهم الكثير من الخدمات لأسباب شتى، ليس أهمها على فكرة الإمكانات المادية، لأن هؤلاء قد دفعوا مقدما، وهُم يشتغلون، نظير تلك الخدمات مقدما من رواتبهم. قد يبدو الحديث عن مساعدة كبار السن فى التعامل مع التكنولوچيا ترفا لا لزوم لها.. وإنك لسامع أحدهم الآن يهمس، يا عم.. إحنا قادرين على أكلهم أو علاجهم لنوفر لهم تكنولوچيا ملائمة؟

خطأ يا حبيب والديك. تخيل جنابك لو أن لك أمًا، أو أبًا، وبالتأكيد أنت لك، ووقع أحدهما، أو كلاهما، فى المأزق عينه.. ألا تتألم؟.. عموما القضية مطروحة، والأسئلة تريد إجابات، فهل نحن متحركون؟.. ليتنا.. لأن هذا هو حقهم علينا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية