تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > سمير الشحات > دبلوماسية عريقة.. وتجربة سفير

دبلوماسية عريقة.. وتجربة سفير

ربما لا يعرف الكثيرون منا أن الدبلوماسية المصرية هى واحدة من أعرق الدبلوماسيات بالعالم فى الزمن المعاصر . وترجع بدايات عمل هذه الدبلوماسية إلى ما قبل مائة عام من الآن، حيث أنشئت وزارة الخارجية المصرية، بشكلها الحالى، فى ١٥ مارس ١٩٢٢.
وللأسف فإن البعض منا ليسوا على اطّلاعٍ كافٍ بعطاء هذه المؤسسة الموغلة فى العراقة والاحترام، وجهدها المتواصل، والعمل فى صمت، للحفاظ على مقدرات الأمن القومى المصرى.

وربما - عندما يُسمَع لفظ سفير - فإنه ستقفز إلى الذهن فورًا تلك الصورة الطريفة، لفؤاد المهندس، وهو يغنى، بينما السندريلّا سعاد حسنى ترقص: أنا واد خطير/ والكل يٍشهد بالكفاءة/ من الصُغَيّر للكبير/ ولولا التواضع/ كان زمانى على درجة سفير/ أنا أصلِى دبلوماسى/ وعارف اختصاصى/ وعينيّا فى وِسط راسى..!.

تلك فى الواقع صورة بعيدة كل البعد عما يكابده الدبلوماسى، أيًّا كانت درجته، من تعب ومشقة وإرهاق نفسى وعصبى، لحماية مصالح رعايا دولته فى الدولة التى يمارس عمله بها، خاصة إذا كان يعمل فى دولة تقع بمنطقة أزمات، أو هى نفسها « دولة أزمة» كما تسمى فى العلاقات الدولية، ساعتها ستكون مهمة هذا الدبلوماسى محفوفة بالخطر، حتى على حياته هو وأفراد أسرته، ناهيك عن الثمن الفادح الذى يدفعه الدبلوماسى جرّاء اغترابه طوال سنوات عمله.

وطبعا فإن أصدق شهادة عن تفاصيل عمل الدبلوماسى لن يقدمها لك سوى كتاب قد خَطَّهُ بيديه سفير. وقبل أسابيع قليلة صدر كتاب مهم، مزج بين اللغة الدبلوماسية الرصينة الموزونة بميزان الذهب، والتشويق الممتع فى السرد، وذاك هو كتاب للسفير على العشيرى، سفيرنا السابق فى البرتغال، بعنوان: رحلتى سفيرًا لمصر.. من الفيوم إلى لشبونة (.. لاحِظ المغزى من الربط بين الفيوم ولشبونة)!.

على أى حال، فإن العالِمين ببواطن الدبلوماسية، يقولون لك: إذا أردتَ معرفة الدبلوماسى على حق فأرسِلْهُ إلى منطقة أزمة، ثم انظر كيف سيتعامل معها. وسفيرنا على العشيرى عاش، خلال عمله، أزمتين دوليتين عاتيتين، ورآهما رأى العين، وتعامل معهما كواحد من فريق من الدبلوماسيين الأكفاء( وما أكثرهم) !.

الأزمة الأولى كانت تلك الكارثة العربية المفزعة ( كما وصفها مانشيت الأهرام صباح يوم ٣ أغسطس ١٩٩٠)، ألا وهى مصيبة احتلال الكويت فى صيف عام ١٩٩٠ الدامى. ولأن مصر هى الشقيق الأكبر ، الذى تُطلَبُ معونته دائما فى الملمات، فقد انتفضت الدبلوماسية المصرية، وخاضت واحدة من أهم معاركها لإنهاء الأزمة. فى تلك الأيام كان السفير العشيرى دبلوماسيا بسفارتنا فى بغداد، وها هو يقدم لنا فى كتابه تفاصيل ما جرى هناك، وطبعا ليس من سَمِعَ كمن رأى. وأما الأزمة الثانية فهى ما جرى بمصر (ولمصر!) عقب ٢٥ يناير ٢٠١١. فى هذه الأثناء كان السفير على هو قنصلنا العام فى جدة، بالمملكة العربية السعودية، ولا شك فى أننا نعرف أن القنصل هو من يتعامل بشكل مباشر ولحظى، ساعة بساعة، مع مشكلات أبناء بلده فى الدولة التى يعمل بها، ولك أن تتخيل حجم مشكلات ملايين المصريين العاملين بالمملكة أيامها، وبالتالى كم كانت معاناة القنصل ومساعديه، وكيف أن الأعين لم تكن تنام. ويقدم الكتاب لنا صورة موجزة عن هذا الجهد.

.. ويبقى أن ثمة جانبا آخر من عمل الدبلوماسى يعرضه الكتاب، وهو العمل الدءوب للحفاظ على العلاقات بين الشعبين (شعب دولته وشعب الدولة المستضيفة)، إنها هنا ليست علاقات سياسية أو اقتصادية فقط، وإنما علاقات ثقافية وشعبوية بالأساس، وهو ما يتطلب من السفير إلماما جيدا بهؤلاء المستضيفين.. وهو ما يبرز فى تجربة السفير العشيرى، إبّان عمله كسفير لمصر فى البرتغال، فى الفترة من ٢٠١٤ حتى ٢٠١٨.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية