تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

حاور نفسك وابدأ الحياة..!

هناك حقائق جديدة فرضها علينا زمن العولمة والعزلة والانغلاق على الذات. البعض من تلك الحقائق نعرفها ونتعامل معها، وبعضها لانزال للأسف غافلين عنها غاية الغفلة. إحدى الحقائق المغفول عنها أن كلامك مع نفسك بصوت مرتفع فيه خير عميم، بل وبات حتمية وجود وضرورة بقاء. لماذا؟.. لأنك إن لم تحدث نفسك فلن تجد من تتحدث إليه (من دون مخاطر!). إن المحيطين بك يا أستاذ كلٌّ منهم فى وادٍ غيرِ واديك، ومن ثم فإن نفسك هى الوحيدة التى سوف تنصت إليك.

 

وفى هذا الصدد، فإن الحديث مع النفس، ومحاورتها، قبولا أو رفضا، محاباة أو انتقادا، له قواعد يجب الالتزام بها، وأصولٌ ينبغى مراعاتها، ومحاذير عليك اجتنابها. أولى القواعد، أن كلامك مع نفسك يجب أن يكون بينك وبينها هى وحدها بمعزل عن الآخرين. خُذ يا كابتن الحذر فإنهم إن سمعوك تتكلم بصوت مرتفع قد يحسبونك لا سمح الله مجنونا، وما أنت بمجنون (أو على الأقل هذا ما تعتقده أنت حتى الآن!).

والأدهى والأمر، أنك بحديثك الصاخب هذا معها، سوف تكشف عن البعض من أسرارك، ونقاط ضعفك، فيأخذونها عليك، ويسخرون منك فى الرايحة والجايّة، وقد يستخدمها حاسد منهم ضدك عند الخصومة، أو حين يدير لك أحدهم ظَهرَ المِجَنّ.. (على فكرة إن المِجَنّ هو درع صاحبك الذى يحميك عند القتال فى الحرب فإن انقلب عليك صاحبك وخانك أدار ظهر الدرع فأصبحت أنت مكشوفا للطعنات).

.. أيضا احرص وأنت تحاور نفسك أن تكون صادقا فى طرح وجهات نظرك. إياك أن تكذب عليها إذ يكفيك جبل الأكاذيب الذى تحمله فوق ظهرك وتتعامل به مع البشر. إن أسوأ الناس قاطِبةً (وأغباهم) هو الكاذب على نفسه، والذى يظل عليها يكذب ويكذب حتى يصدق نفسه، فإن زاد الكذب عن حده انقلب إلى ضده، وصار صاحبنا أحمق يتجنبه الناس، فيفقد احترام نفسه واحترام الآخرين.

كذلك لابد، وأنت تحدث نفسك بصوت عال، أن تكون فى أرض خلاء، أو فى وسعاية، كحقل مثلا أو حديقة أو فوق السطوح، أو وقتما لا يكون بالدار أحد، فإن لم تجد فامسك بالموبايل واعمل نفسك تكلم أحدا بينما تكون فى الحقيقة تكلم نفسك..!

إن هناك تصورا عند بعض رواد مدرسة التحليل النفسى يشير إلى أن بعض آلام الإنسان النفسية، وربما أوجاعه الجسدية، ناتج عن كبته رغباته، وأحقاده الدفينة، وأفكاره الغريبة التى يرفضها المجتمع. إنه يخفى هذا المسكوت عنه فى عقله الباطن ليظهر لك ليلا وأنت نائم فى كوابيس منامك.. فلماذا لا نجعل من أنفسنا أطباء نفسيين ونستدعى تلك المكبوتات الهاجعات إلى العقل الواعي.. كيف يعنى؟

بسيطة يا عم الحاج.. اصرخ.. (لكن إياك أن تسمع كلام إيمان البحر درويش وتلِم عليك الناس!). طَلَّع يا أفندى كل اللى جوّاك. تخير يا مولانا مكانا قَصيّا وتحدث فيه عن كوامنك الداخلية، وغضبك، وعن الغِل الساكنِ فيك ليل نهار.. ثم ابدأ الحوار والمناقشة.

مناقشة إيه؟

..نعم، ناقش نفسك، واسألها لماذا هى غاضبة كل هذا الغضب من الناس والمجتمع والدنيا جميعا؟.. أليس من الممكن أن تكون لديك مبالغات وأفكار خاطئة وسوء فهم وأوهام عن الواقع المحيط بك؟

لكن لاحِظ، إن المناقشة يجب أن تكون حيادية وصادقة وفى منتهى الموضوعية.. فأنت يا حبيبى تناقش نفسك وليس مع أحد غريب. عموما لا تحسب أن الصدق مع النفس مسألة سهلة. لا، لا، لا.. إنها من أصعب المهام والتحديات التى ستواجهها فى حياتك لحظة بلحظة، فإن نجحت فى المهمة فسوف تجد الخير العظيم. هيّا هيا.. أسرع.. وكَلِّم نفسك..!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية