تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

المنطق فى إلغاء المنطق!

ماذا لو أننا خالفنا الموجة السائدة الآن، وتحدينا الغالبية الغالبة، وقلنا لا فى وجه من قالوا نعم، وأقررنا بأنه لا ضرر أبدًا فى إلغاء البعض من المواد الدراسية، حال التأكد من أنها فعلا لم تعد توافق احتياجات المجتمع، ومتطلبات الواقع؟..

على فكرة، نحن فى كثير من الأحيان، ننساق خلف تشنجات انفعالية، ونصفق لها اعتقادًا بأنها هى الصح، وما سواها هو الباطل، ثم يمضى الوقت فيثبت أنها كانت مجرد تهويمات أخذها الغراب وطار.

 

تعالوا نحسبها بالعقل فنسأل عن المنطق وراء إلغاء مواد المنطق وعلم النفس واللغة الفرنسية إذا كانت هى اللغة الأجنبية الثانية، التى لا يستفيد التلميذ منها قدر استفادته، وهى اللغة الأجنبية الأولى.

بعيدًا عن المزايدات الحنجورية، والاتهامات مسبقة التجهيز، ومطبات الإستريو تايب، السؤال هو: بذمتك ودينك يا شيخ.. هل تتذكر أى شىء من منهج الفرنساوى (بتاع تالتة ثانوى)؟

عمومًا، تعالوا نسمع هذه الحكاية، التى وقعت فى مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، أى قبل 40 سنة، بإحدى قرى الدلتا.

لقد حدث أن طلاب الثالث الثانوى التجارى يدرسون مادة بالفرنسية اسمها (كروسبوندون).. يعنى مراسلات تجارية. كان مدرس الفرنساوى اسمه عبدالعليم، وكان خريج آداب مكتبات. كان إذا دخل الفصل ارتجت جدران المدرسة كلها بهدير يشبه الزلزال. إن عبدالعليم كان يظل طوال العام الدراسى يحاول تعليم الطلاب تصريف فيرب إتر (يعنى يكون بالفرنساوى).

كُنتَ تسمعه طول النهار يردد والطلاب من خلفِه: (جيه/ جيه/إسويه/ إسويه/ تى/ تى/ييه/ييه/نو/نو/سوم سوم/فوه/فوه/زِت/ زِت/ إلز/ إلز/ صونت/ صونت).. كان يردد ذلك وهو يتراقص.. فلما سألوه: ما هذا يا عبعليم؟.. كان يصرخ فيهم ضاحكا: يا خلق الله علِّموهم عربى أولًا.. ثم يقهقه: (آل فرنساوى آل.. هِئ..هِئ..هِئ!).

نروح الآن للمنطق. هل تعرف ما هو المنطق يا مُرسى؟.. لا مُرسى أجاب، ولا السِّت سهير البابلى قالت لنا ما هو المنطق.. فجاء بهجت الأباصيرى ليضع النقاط على الحروف: وهل من المنطق يا أستاذة أن تُنفقى 20 سنة من زهرة شبابك فى دراسة المنطق.. ثم لا يزيد راتبك الشهرى على 25 جنيهًا؟.. وهذا ما عاد وقاله أحد الإعلاميين فى برنامجه، فهل أجرم عندما قال للأعور أنت أعور (فى عينه)؟..هل حقا ينال المدرس حقه وتقديره الذى يستحق فى مجتمعنا، سواء أيام الملكية، أو حتى بعد الثورة؟.. إن المنطق هو التفكير بشكل علمى منظم منضبط رصين.. فهل يتعلم أطفالنا فى المدرسة التفكير بشكل علمى نقدى عصرى سليم؟

قد يتجرأ فريق آخر، (وإن على استحياء)، فيهمس: تامر على حق، لأن التعليم فى العالم المتقدم كله تجاوز تحفيظ التلاميذ عن ظهر قلب، تصريف فيرب إتر، وبات التركيز الآن على التكنولوجيا، ولغة الكمبيوتر، والبرمجة، وأساليب الذكاء الاصطناعى، وكيف نستخدمه فى تطوير وتوطين الصناعة الوطنية. وعلى سبيل المثال، فإن كثيرًا من قواعد المنطق الأرُسطى، التى وضعها الفيلسوف أرسطو، تخضع الآن للنقد والمراجعة والتفنيد، لتحل محلها قواعد جديدة فى القياس، والاستنباط، والتفكير عمومًا. إن أصحاب الحِرَف المهنية، والمهارات التكنولوجية، والعارفين بأسرار المعلومات والكمبيوتر والبرمجة، هم من تطلبهم سوق العمل، وهُمُ الفائزون باللَّذات (والدولارات)!.

اسمع.. هل تريد كلمة البيع والشراء؟.. لقد قالها المتنبى وصَدَق: ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله/ وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعمُ.. فابعد عن المنطق والفلسفة ووجع الدماغ أحسن لك.. واحسبها صح تعيشها صح.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية