تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
التسريبات.. وتشويه العقل المصرى
من أخطر ما يتعرض له العقل المصرى فى هذه الأيام، الاستسهال فى قبول البيانات والمعلومات دونما فلترة أو تفكير أو تمحيص.. وتصديق كل ما تدلقه السوشيال ميديا فى وجوهنا من أكاذيب وتفاهات وترهات. وهكذا، وبعد أن ابتُلينا بألاعيب شيحة التى يستخدمون فيها خِدع الذكاء الاصطناعي، أوقعتنا السوشيال ميديا فى لعبة خبيثة لئيمة، اسمها التسريبات.
إنك وأنت جالس فى أمان الله مع الموبايل حبيبك، تفاجأ بتسريب لفنانة، أو مسئول سياسي، أو لداعية ديني، أو حتى لمواطن بسيط على باب الله، يدعى كشف المسكوت عنه، ويفضح ما أمر الله به أن يُستَر. سيادتك على الفور تقوم بتصديق التسريب، وكأنه حقيقة الحقائق، واليقين الذى ما بعده يقين.
تلك اللعبة، لعبة التسريبات، لها مخاطر لا حدود لها.. لكن قبل استعراض المخاطر علينا ملاحظة أن هذه التسريبات هى مجرد أجزاء قُطِعت بخبث شديد، من سياقها العام، بمعنى أن من تعمد التسريب حذف أجزاءً من الكلام، وسرب أجزاء أخري. إننا هنا أمام عملية تزييف وخداع شديدة الإحكام، هدفها إلحاق الضرر، وليس تحقيق النفع كما يزعم... فعلينا الانتباه.
أيضا فإن من الملاحظات، أن هذه التسريبات خضعت لعمليات قص ولصق، وتقديم وتأخير، ومونتاچ، احترافية جدا، ومن ثم يخرج كلام الشخص الذى سربوا له عن سياقه الطبيعي، وذلك لإهانته، أو إدانته، أو كما يقول السياسيون (لحرقِه!).
.. والملاحظة الثالثة، هى أنه فى الغالب يجرى التشويش والغلوشة الصوتية على صوت الشخص المراد فضحه لإخفاء الحقيقة، وإيهام المواطن البسيط، غير الخبير، بأن الصوت هو فعلا صوت الشخص المستهدَف، بينما قد لا يكون الصوت صوته.. وطبعا نعرف جميعا ماذا يمكن للتكنولوچيا الحديثة أن ترتكبه فى هذا المجال.
طيب.. عرفنا أن كثيرا من التسريبات هى فى الحقيقة مصنوعة ومزيفة، فما الهدف من وراء ذلك يا تُري؟.. للوهلة الأولي، يبدو أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد رغبة فى فضح هذا الشخص الخاضع للتسريب، فنانا كان أو سياسيا، أو واعظا دينيا، أو غير ذلك، إلا أن الأمر يتعدى هذا بمراحل.
إن التسريبات قد يكون هدفها الابتزاز للحصول من الشخص المستهدف على المال، أو على خدمات خارجة عن القانون، أو نتيجة للتنافس المهنى والمنافسة فى أكل العيش.. ومع ذلك فإن هناك ما هو أدهى وأخطر.
إن التسريبات هدفها الأساسى تخريب عقل ووعى المواطن البسيط، الذى هو فى الحقيقة يشكل غالبية الناس بالوطن. ستسأل، وما قيمة هذا المسكين الغلبان أصلا ليحاولوا إفساد عقله ووعيه ووجدانه؟.. يااااااه، إن قيمته كبيرة جدا يا أستاذ إن كنت لا تدري. إنه هو الكل فى الكل، إذ إن مجموع عقول هؤلاء البسطاء هو ما يسمى (العقل الجمعي) للأمة.
.. ومعروف فى علم الاجتماع السياسى أنك إن أردت هدم وإسقاط وطن من الأوطان ما عليك إلا أن تُفقد مواطنى الوطن البسطاء ثقتهم فى وطنهم، بحيث يتمنون مغادرته، أو حتى زواله واحتراقه.. (وكم ذا حولنا من أوطان احترقت أو كادت!)
ماذا نفعل لاتقاء هذا الشر المحيق بنا؟
علينا تربية النشء عندنا تربية سليمة فإذا فعلنا، ولابد أن نفعل، جنبناهم الوقوع فى المصيدة.. والتربية هنا تعنى تربية الوجدان بالأساس، أى تربية الروح، وذلك من خلال زرع العقيدة والإيمان ومكارم الأخلاق والسلوك الحميد فى الطفل منذ نعومة أظافره.. يعنى فى المدرسة الابتدائية يا محترم.. ليس فى التجمع والرحاب ومدينتى فقط.. وإنما قبل ذلك فى العشوائيات، والقري، والنجوع النائية البعيدة.. !.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية