تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > سفير. حسين هريدي > مصر والسعودية والمصير المشترك

مصر والسعودية والمصير المشترك

جاء اللقاء الذى جمع وزيرى الخارجية المصرية والسعودية بمدينة العلمين فى الأسبوع قبل الماضى دليلا على قوة ورسوخ العلاقات المصرية - السعودية، التى تعرضت لكثير من التأويلات السلبية، ومحاولات واضحة - ومكررة - من آن لآخر للوقيعة بين البلدين الشقيقين اللذين جمعهما المصير المشترك على مدى عقود مطولة.

وفى هذا السياق تابعنا بقدر كبير من القلق كثرة التعليقات السلبية على منصات التواصل الاجتماعى عن المسارات المستقبلية للعلاقات بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية. غنى عن القول إن العلاقات المصرية - السعودية هى صمام الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادى للدول العربية، وكلما كانت هذه العلاقات قوية وراسخة انعكس ذلك إيجابا ليس فقط على مصالح البلدين والشعبين، وإنما على مجمل الدول والشعوب العربية.

ولقد برهن المسار الذى اتخذته تلك العلاقات منذ الستينيات حتى الآن عن متلازمة قوة هذه العلاقات مع قدرة النظام الرسمى العربى على إدارة خلافاته السياسية بفاعلية، وانه فى الأوقات التى تعرضت فيها تلك العلاقات لاهتزازات وخلافات عميقة انعكس ذلك سلبا على أمن واستقرار الشرق الأوسط، ولفقدان النظام الرسمى العربى القدرة على تسوية الأزمات السياسية التى عصفت به.

وتقديرى أن مصر والسعودية لا تتنافسان على زعامة الأمة العربية فهما يدركان أنهما جزء لا يتجزأ من هذه الأمة العريقة، والأهم من ذلك يتفقان على أن التحديات الراهنة بالشرق الأوسط والخليج والبحر الأحمر تتطلب تعاونا وثيقا وتنسيقا مستمرا ليس فقط بينهما، وإنما مع الدول العربية كافة للدفاع عن المصالح العربية فى الأمن والاستقرار والسلام ومواجهة المخططات الإسرائيلية للهيمنة الإقليمية. لقد جاء التنسيق والتعاون بين البلدين فى التعامل مع الغزو العراقى للكويت فى 2 أغسطس 1990، وجهودهما المشتركة لتعبئة وحشد العالم العربى والمجتمع الدولى لتحرير الكويت لخير دليل على أحد الثوابت فى الأمن القومى العربى ألا وهو أنه فى غياب التنسيق والتعاون بينهما، يصبح هذا الأمن وما يصاحبه من استقرار صعب التحقيق والمنال.

وفى كل الأزمات التى عصفت بالنظام العربى كان مفتاح الحل يكمن دوما فى التعاون بين مصر والسعودية. ما تقدم لا يعنى ان رؤى القاهرة والرياض تتطابق بصفة دائمة بشأن أفضل السبل للتعامل مع الأزمات والقضايا العربية والإقليمية والدولية، لكن قادة البلدين سعوا، ويسعون لإيجاد أرضية مشتركة تتيح بلورة توافق ثنائى حول الحلول المناسبة لتلك الأزمات والقضايا. ومما لا شك فيه أن هناك جماعات معينة مثل جماعة الاخوان الإرهابية فى مصر، تسعى لإحداث الوقيعة بين البلدين، كما أن هناك قوى إقليمية ودولية من مصلحتها العمل على بث الوقيعة بين مصر والسعودية.

وخطورة هذه المحاولات لا تكمن فقط فى أنها تشمل العلاقات على المستوى الرسمى، وإنما تنسحب أيضا على العلاقات الأخوية التى تربط الشعبين المصرى والسعودى، وتمتد فى بعض الأحيان إلى عدد من وسائل الاعلام. يشهد الشرق الأوسط تطورات وتغييرات إستراتيجية عدة، وبصفة خاصة على صعيد دور كل من إسرائيل وإيران وتركيا، والعلاقات المتشابكة والمتداخلة لهم جميعا مع القوى الكبرى، وفى مقدمتها الولايات المتحدة، ولكل من مصر والسعودية مواقف وآراء متباينة تجاه هذه القوى لا تتطابق فى بعض الأوقات، لكنهما حالا دون إتاحة الفرصة لهذه القوى إحداث فجوة فى العلاقات المصرية - السعودية.

مصر تدرك أهمية العمل العربى المشترك، وتعاملت من هذا المنطلق مع جامعة الدول العربية، مؤمنة بأنها تظل فى كل الظروف بيت العرب، تجتمع فيه الأمة العربية فى وقت الشدائد والتحديات، لتتخذ من القرارات ما يتفق مع مصلحة كل الدول العربية ترسيخا لمبدأ «وأمرهم شورى بينهم». إن التحولات الجذرية التى طرأت على المشهد الإقليمى خلال العشرين شهرا الماضية، والتى ستحدد لحد كبير نمط التفاعلات بين قوى ودول المنطقة يتطلب تنسيقا مصريا - سعوديا على أعلى مستوى دفاعا عن مصالحها المشتركة، وصيانة لمستقبل الدول العربية الذى يرتهن دوما بالتضامن المصرى السعودى وبالتضامن العربى.

ان ازدهار المملكة العربية السعودية تنظر إليه مصر على انه يضيف إليها، وكذلك ازدهار مصر وقوتها، إضافة إلى دور المملكة العزيزة على كل المصريين. قوة العرب وتأثيرهم إقليميا ودوليا سيظل مرهونا دائما بقوة العلاقات المصرية - السعودية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية