تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > سفير. حسين هريدي > ذكريات دبلوماسية مع رئاسة جيمى كارتر

ذكريات دبلوماسية مع رئاسة جيمى كارتر

وصل الدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء ووزير الخارجية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن فى فبراير 1979 والوفد المرافق، وتوجهوا الى كامب ديفيد للاتفاق على الصياغة النهائية لمشروع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. انضم السفير اشرف غربال سفير مصر لدى الولايات المتحدة آنذاك الى الوفد.

كان الوفد المرافق للدكتور مصطفى خليل يضم الفريق اول كمال حسن على وزير الدفاع فى ذلك الوقت والملحق العسكرى المصرى الراحل المشير محمد عبد الحليم ابوغزالة، واللواء أركان حرب بحرى محسن حمدي. كانت مفاوضات شاقة فى كامب ديفيد (2) قادها بحس وطنى الدكتور مصطفى خليل والوفد الدبلوماسى والعسكرى المصري، فى مواجهة ضغوط أمريكية وإسرائيلية لقبول مصر بوجود عسكرى إسرائيلى فى شبه جزيرة سيناء. فى هذا السياق وجه الرئيس الراحل محمد أنور السادات الشكر للفريق أول كمال حسن، على يقظته فى المباحثات مع الوفد العسكرى الإسرائيلي. تولى سايرس فانس وزير الخارجية الأمريكية وفد بلاده فى كامب ديفيد (2)، وتولى موشيه دايان وزير الخارجية الإسرائيلية رئاسة الوفد الإسرائيلي. تم الاتفاق على النصوص النهائية للمعاهدة بملاحقها، وبالنسبة للقضايا التى ظلت محل اختلاف، مثل مصير القدس الشرقية المحتلة، تم الاتفاق على تبادل خطابات بين الرؤساء الثلاث، السادات عن مصر، ومناحم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، وجيمى كارتر الرئيس الأمريكي، وهم الذين وقعوا فى 26 مارس 1979 عليها، فى احتفال بالبيت الأبيض.

وكانت مصر قد حصلت على وعد من جيمى كارتر فى أمرين: الأول ان الإدارة الأمريكية ستبذل كل جهودها لانضمام الأردن إلى مفاوضات الحكم الذاتى الخاصة بفترة الخمس سنوات فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وبانتهائها يحصل الفلسطينيون على الحكم الذاتى فى أراضيهم التى احتلتها القوات الإسرائيلية فى عدوان يونيو 1967. أما الأمر الثاني، ان الولايات المتحدة لن تتعامل مع اى أفكار أو مبادرات للسلام فى الشرق الأوسط، وستلتزم باتفاقيتى كامب ديفيد فى 1978، ومعاهدة السلام المصرية ــ الإسرائيلية 1979.

زخم السلام فى الشرق الأوسط الذى تولد فى 26 مارس 1979 تعرض خلال الفترة من مارس 1979 إلى ابريل 1980 لثلاث عقبات رئيسية أربكت حسابات ادارة جيمى كارتر. الأولى تمثلت فى القطيعة العربية - المصرية، والثانية الثورة الخومينية فى إيران التى أدت إلى اختلال كبير فى موازين القوى بالشرق الأوسط مع تداعيات ذلك على المصالح والعلاقات الأمريكية - العربية، أما العقبة الثالثة والأخطر من وجهة نظر الإستراتيجية الأمريكية ومصالح الأمن القومى الأمريكى عالميا، فكان الغزو السوفيتى لأفغانستان فى ديسمبر 1979، والذى حشدت فيه إدارة كارتر دعما عربيا ودوليا من أجل تحويل أفغانستان إلى فيتنام للإتحاد السوفيتي، وكان مستشار الأمن القومى الأمريكى انذاك بريجنسكى (بولندى الأصل) هو صاحب هذه الفكرة ، وجندت الولايات المتحدة فى إطارها وعبر تحالفاتها فى العالمين العربى والإسلامى الشباب العربى والمسلم للذهاب إلى افغانستان فى جهاد ضد الملحدين السوفيت ووظفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بدعم من بعض الدول العربية والحكومة الباكستانية فى ظل حكم ضياء الحق شيوخا ودعاة فى العالمين العربى والإسلامي، لحث شباب الأمة الإسلامية للذهاب لمحاربة المشركين فى أفغانستان.

بالإضافة إلى التطورات الدولية والإقليمية السابقة، جاء احتلال السفارة الأمريكية فى طهران فى 4 نوفمبر 1979، واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين لمدة 444 يوما. أما الضربة القاصمة لإدارة كارتر، والتى أثرت على فرصته فى الفوز بولاية ثانية فى انتخابات نوفمبر 1980 (منافسه كان رونالد ريجان) ، فقد جاءت فى أبريل من عام 1980 عندما فشلت محاولة إنقاذ الرهائن بالسفارة الأمريكية فى طهران عندما هبت عاصفة ترابية شديدة أدت إلى تحطم مروحيات عسكرية أمريكية فى الصحراء الإيرانية. وقد خسر كارتر الانتخابات لمصلحة ريجان.

وتجدر الإشارة إلى أولويات الإستراتيجية الأمريكية التى صاحبت زمنيا زخم السلام فى الشرق الأوسط، كان ملف تطبيع العلاقات الأمريكية - الصينية على ضوء اعتراف الولايات المتحدة بالصين فى 1979، وصدور ما يعرف باسم Taiwan Relations Act عن الكونجرس الأمريكى فى 1979، وجسد ولايزال سياسة الصين الواحدة، اى عدم اعتراف الولايات المتحدةً بحق تايوان فى إعلان استقلالها رسميا عن الوطن الأم.

فى ضوء كل ماسبق قدرت السفارة المصرية فى واشنطن أن فرص إعادة انتخاب كارتر لولاية ثانية تكاد تكون صفرا. بدخول رونالد ريجان البيت الأبيض فى يناير 1981 تغيرت أولويات الإستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط وفى العالم، وهو التحول الذى وظّفه مناحم بيجن لبدء تنفيذ مشروع إسرائيل الكبري، وهو ما سار بنيامين نيتناياهو على نهجه كما شاهدنا وتابعنا ليس فقط منذ 7 اكتوبر 2023 ، ولكن منذ اليوم الأول لتوليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية لأول مرة فى 1996. ولذلك كان للرئيس الراحل جيمى كارتر دور مهم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة ونتمنى أن تسير على دربه الإدارة الأمريكية الجديدة التى يقودها الرئيس ترامب فى وقف الحرب فى غزة وإحلال السلام بالمنطقة وحل القضية الفلسطينية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية