تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > سفير. حسين هريدي > الاستراتيجيات الأمريكية تجاه الملف النووى الإيرانى

الاستراتيجيات الأمريكية تجاه الملف النووى الإيرانى

تطورت الإستراتيجية الأمريكية فى التعامل مع الملف النووى الإيرانى ومفهوم «القنبلة الذرية الافتراضية». كانت قد توفرت لدى إدارة بوش الابن فى 2003 معلومات استخباراتية موثقة، بان إيران تتجه لامتلاك اسلحة نووية، بالرغم من نفيها المتكرر لذلك.

وبعد ان نشرت جريدة النيويورك تايمز مقالا احتوى بعض التفاصيل عن هذا البرنامج، قررت إدارة بوش الإعلان عن المعلومات المتاحة لديها عنه، وكان تردد بوش فى ذلك يرجع الى شكوكه بالنسبة لمدى مصداقية هذه المعلومات لدى الرأى العام الأمريكى والمجتمع الدولى بعد ان أدرك العالم ان العراق فى ظل حكم الرئيس الأسبق صدام حسين لم يكن لديه أسلحة دمار شامل كما ادعت المخابرات الأمريكية، وكان التبرير الذى ادى الى غزو العراق فى مارس 2003 .

 

كانت إدارة بوش تدرك فى 2005 ان تخصيب ايرانً اليورانيوم للأغراض السلمية حسب زعمها، سيؤدى لاحقا للتحول الى التخصيب بنسب اعلى من اجل امتلاك اسلحة نوويةً. وحيث انها لم تكن على استعداد لدخول حرب اخرى فى الشرق الاوسط، علاوة على ان مصلحتها بعد غزو الجيش الأمريكى للعراق كانت تحتم عليها مهادنةً ايرانً، ولو لحين، حتى لا تحشد طهران الجماعات العراقية الشيعية المسلحة فى العراق فى التحالف مع القوى السنية فى مقاومة الاحتلال الأمريكى للعراق. وتأسيسا على ذلك فضلت اللجوء الى سلاح العقوبات الاقتصادية والنفطية على إيران بقرارات لمجلس الامن الدولى بدءا من 2006.

بانتخاب احمدى نجاد رئيسا لإيران فى 2005 سارعت إيران فى تحقيق تقدم فى برنامجها النووى بالرغم من العقوبات، وقفز عدد اجهزة الطرد المركزى لديها من عدد (134) جهازا فى 2005، الى عدد (3800) بحلول 2007، كما نجحت خلال الولاية الثانية لبوش (2005 ـــ 2009) انً تطور من قدراتها فى مجال التكنولوجيا النوويةً، معتمدة فى ذلك على المعلومات والتصميمات التى حصلت عليها فى الماضى من العالم الباكستانى الدكتور عبدالقدير خان.

بالتوازى مع أسلوب الاقتراب الدبلوماسى من جانب الإدارة الأمريكية، كانت اجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والألمانية وبالتعاون والتنسيق مع الموساد الإسرائيلية قد نجحت فى اختراق كافة الأجهزة والحواسب التى تعمل فى إطار البرنامج النووى الإيراني، وهو الاختراق الذى اثبت المعلومات والتقديرات الغربية من ان إيران تتجه إلى امتلاك القدرة اللازمة لصنع سلاح نووي.

وفى الوقت الذى اصبح فيه باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة فى يناير 2009، ذهبت تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذريةً الى ان إيران تمتلك ما يقرب من 4000 جهاز طرد مركزى فى نهاية 2008، ذات سرعات مرتفعة قادرة فى غضون عام على إنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذريةً واحدة.

كانت الولايات المتحدة فى 2009 فى حرب العراق وفى حرب افغانستان وبالتالى استبعد الدخول فى مواجهة عسكرية مع إيران، ولذا حبذ خيار المفاوضات لكن بأسلوب «العصا الكبيرةً والجزرة الكبيرة هى الاخري».

نجحت إدارته بالتعاون والتنسيق مع الدول دائمة العضوية فى مجلس الامن الدولى بالاضافة الى ضم المانيا فى صياغة الاتفاق النووى الإيرانى (اتفاق فيينا) فى يوليو 2015، وهو الاتفاق الذى وضع ضوابط على كمية إنتاج اليورانيوم المخصب، وعلى اعداد اجهزة الطرد المركزي، مع اجراءات تفتيش صارمة لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لم يلق هذا الاتفاق ترحيبا ولا تأييدا من جانب الحزب الجمهورى الأمريكي، وكانت اسرائيل بقيادة بنامين نيتانياهو من اكبر الأطراف المعارضة لنصوص الاتفاق، لاعتقادها انه لن يمنع إيران من امتلاك السلاح النووى بحلول 2030.

فى الولاية الأولى للرئيس ترامب تعاظمت الضغوط الاسرائيليةً عليه للخروج من اتفاق فيينا، وهو ما أعلنه فى 8 مايو 2018، مع انتهاج إستراتيجية «الضغوط القصوي» على إيران. والمفارقة التاريخية هى ان إيران انتهزت هذه الفرصة وتحللت من التزاماتها المنصوص عليها فى اتفاق يوليو 2015، واصبحت تمتلك الآن نحو 280 كيلو من اليورانيوم المخصب، وارتفعت نسبة التخصيب الى مستوى %60.

تفاوضت إدارة الرئيس السابق جو بايدن مع إيران عبر وساطةً الاتحاد الأوروبى نحو العودةً المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران الى اتفاق 2015، إلا أن التطورات الداخلية فى إيران واندلاع الحرب الاوكرانية أجهضت تلك المفاوضات. وفى المرحلة الراهنة بدأت إدارة ترامب فى التفاوض مع إيران، من اجل صياغة اتفاق آخر حوّل البرنامج النووى الإيرانى هدفه الأساسى من وجهة نظر الإستراتيجية الأمريكية هو الحيلولة دون تملك إيران لسلاح نووي، وفى حالة الفشل فى تحقيق ذلك، ستلجأ الولايات المتحدة الى خيارات أخري، وفى مقدمتها استخدام القوة المسلحة وبالتعاون مع اسرائيل. كما ستركز الإدارة الأمريكية فى تلك المفاوضات على تدمير الصواريخ الإيرانية القادرة على حمل رءوس نووية. فى االمقابل يضغط نيتانياهو من أجل تكرارالنموذج الليبى فى التعامل مع البرنامج النووى الإيراني، اى تفكيكه بالكامل، وخلافا لذلك تدمير كل المنشآت النووية الإيرانية, وهو توجه لا يلقى قبولا عاما حتى الآن داخل البيت الأبيض.

وبغض النظر عما ستئول إليه هذه المفاوضات، فالحقائق على الارض ان إيران وبعد اكثر من ثلاثة عقود من المواجهة مع ادارات امريكية متعددة منذ إدارة كلينتون (1992 ـــ 2001) وحتى اليوم نجحت على الأرجح فى امتلاك القنبلة الذرية الافتراضية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية