تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تضليل مُحكم
دونالد ترامب ينازع صغيرا على كرة فى أحد رياض الاطفال!!، الملك تشارلز يحتف بتنصيبه على عرش بريطانيا مرتديا حلة ملطخة ببقع طلاء!, موسيقار الأجيال؛ عبد الوهاب، يغنى «بنت الجيران»!؛ وغيرها من أخبار يصعب تصديقها؛ دعمتها صور وفيديوهات تأكيدا لمصداقيتها وحدوثها بالفعل!!، «فمن سمع ليس كمن رأي» طبقا للمثل المصرى الشهير، والصورة الثابتة والمتحركة فى عالم الإعلام تساوى ألف كلمة مكتوبة أو منطوقة. ولكن بظهور تقنية التزييف العميق المُحكم الذى بات فى متناول يد الجميع، فقدت الصورة مكانتها كشاهد إثبات وأصبحت العين تائهة والجمهور حائرا بين تكذيب وتصديق ما تراه العين..!.
ولقد ظهر مصطلح التزييف العميق أو المُحكم لأول مرة فى عام 2017، عندما نشر مستخدم للانترنت مقاطع فيديو إباحية تم التلاعب بها من خلال تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعى لاستخدام فيديوهات أو ملفات صوتية للشخص الحقيقى تتيح استبدال وجهه وجسمه بالكامل ووضع كلمات على شفتيه لم ينطقها لخلق مواقف وأحداث تبدو حقيقية تمامًا رغم زيفها!!. وتقنية التزييف إما أن تتم بتزييف خوارزميات الذكاء الاصطناعى المستخدمة ويطلق عليها فى هذه الحالة التزييف العميق ،أو تتم بأسلوب اكثر بدائية فيطلق عليها التزييف السطحى غير المتقن ويعتبر فيديو رئيسة مجلس النواب الأمريكى السابقة «نانسى بيلوسي» الذى تعمد إظهارها وكأنها مخمورة، نموذجا للنوع الثاني!!. ويتم استخدام النوعين للتضليل لاغراض سياسية وإعلامية أو للنصب والتسلية.
وبعيدا عن حالة الانبهار بإمكانيات الذكاء الاصطناعى وقبول البعض لها لتوظيفها فى المحاكاة الساخرة والترفيه والتعلم والتقارير الإخبارية والعروض الفنية وتحريك الصور واللوحات القديمة، أو لإعادة الأحداث التاريخية، يرفض البعض تلك التقنية و يتوجسون من تبعاتها قانونيا وسياسيا ومجتمعيا. فالمشكلة فرضت نفسها مع التطور التكنولوجى الذى أتاح للفرد العادى استخدامها لإنتاج مقاطع فيديو مزورة لسرقة هويات الأشخاص الحقيقيين وإنشاء هويات جديدة ومستندات مزيفة للأشخاص الحقيقيين من خلال استخدام بيانات وصور وأصوات الضحايا وتوظيفها للتضليل لاغراض سياسية وإعلامية أو للنصب!.
ومن امثلة إساءة توظيف هذه التقنية صور وفيديوهات للرئيس الأمريكى دونالد ترامب وباراك أوباما، وثانية انتهكت خصوصية الاشخاص العاديين أو خرقت قواعد حقوق الملكية الفكرية، وثالثة مضمونها غير مشروع أو مقبول, تم استخدامها فى التشهير والاحتيال؛ وكان من بينها تحويل رئيس إحدى شركات الطاقة فى المملكة المتحدة مبلغ 220 ألف يورو لحساب بنكى مزيف بناءُ على مكالمة مزيفة بصوت الرئيس التنفيذى للشركة الأم فى ألمانيا!.
وفيما أكدت بعض التقارير أن تطبيق التلاعب بالفيديوهات سهل الأمر وزاده انتشارا، وتأكيد المحرر التكنولوجى فيBBC «ديف لي» زيادة تحميل تقنيات صناعة هذه التسجيلات منذ أتيحت للجمهور مئة ألف مرة!!، أشارت بعض الدراسات إلى أن الممارسات المشبوهة تمثل حوالى 96% من التزييف المحكم على الإنترنت!!، الأمر الذى اعتبره السيناتور الأمريكى «ماركو روبيو» وعدد من الساسة فى العالم يمثل خطورة لا تقل عن مخاطر الأسلحة النووية، ودفع عدد من الدول -من بينها الصين -لتجريم استخدام هذه التقنية وحجب الفيديوهات التى يثبت فبركتها.
وبرغم أن الخط الفاصل بين الواقع والتلفيق الرقمى يبدو غير واضح، إلا أن الخبراء يرون أن امكانية اكتشاف التزييف بالعين المجردة قابلة للتحقق من خلال ملاحظة حركة العين وجمود النظرة او الحملقة المستمرة وتغير شكل الوجه وظهور تعبيرات على الوجه لا تتسق مع الكلمات والتدقيق فى لون البشرة وشكل الجسم والشعر أو عدم ملاءمة وضعية الرأس والجسم عندما يتحرك الأشخاص أو يديرون رءوسهم وعدم تزامن حركة الشفاه مع الكلمات المنطوقة وتغير الاضاءة والظلال من لقطة لاخرى وتحرك الأشخاص أو الحيوانات بطرق غير طبيعية، أو اختفاء بعض أجزاء الجسم.
وما بين ظهور تقنيات جديدة لدعم الفبركة المُحكمة وتعطيل كشفها،ليس أمامنا سوى بصيرة وذائقة، وتدريب كى لا تضل العين، فنميز بين الحقيقة والتزييف.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية