تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > سعيد صلاح > 4 محاور لقراءة حديث الرئيس من الأكاديمية

4 محاور لقراءة حديث الرئيس من الأكاديمية

رأيتها غيرعادية، رغم أنها تكررت قبل ذلك وبمواعيد محددة حتى أصبحت «سنة رئاسية».. فلم تكن زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، ل أكاديمية الشرطة و الأكاديمية العسكرية المصرية لمتابعة اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات، مجرد تقليد روتيني، بل كانت منصةً لإطلاق رؤية شاملة لكيفية بناء «الجمهورية الجديدة»..

وتحديدًا لأسس الدولة القوية التى تسعى مصر لإنشائها فى مواجهة تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة، فقد اعتدنا من السيد الرئيس ، ومن وقت لآخر أن يتحدث إلينا ليوضح كيف تسير الدولة وعلى أى أسس تعمل وما هى مستهدفاتها فى الفترة المقبلة، وأن يضع أيدينا معه على حجم التحديات التى يواجهها الوطن لنواجهها سويا.

إن حديث السيد الرئيس من داخل قاعات الأكاديميات العسكرية والشرطية، لم يكن مجرد توجيهات للطلبة، بل كان بيانًا شاملاً لكيفية بناء الدولة القوية

فقد أكد الرئيس على أن مصر كانت على «حافة الهاوية عام 2011»، وأن هدف قيادتها منذ 2014 هو «تغيير الوضع للأفضل»، وإن قوة الدولة المصرية لا تُقاس فقط بحجم قواتها المسلحة، بل تقاس بجودة ونزاهة الكوادر التى فيها.

ومن خلال الحوار التفاعلى الذى أجراه سيادته مع نخبة من الشباب المتقدمين للالتحاق بالكليات العسكرية، كشف عن خريطة طريق تقوم على أربعة أعمدة رئيسية، وهى إصلاح الإنسان، الحوكمة والرقمنة، الاستقرار الأمنى، والنمو الاقتصادى المستدام، هذه الأعمدة الأربعة هى الحصن المنيع الذى تسعى مصر من خلاله لصد أى محاولات لعرقلة مسيرتى السلام والبناء والتنمية.

المحور الأول

أول هذه المحاور وأهمها هو محور بناء الإنسان وتأهيل الكوادر، فهذه من وجهة نظرى هى الركيزة الأولى للقوة، لذلك رأينا الرئيس السيسي وهو يشدد مرارًا على أن عملية انتقاء الكوادر التى تلتحق بالأكاديميات العسكرية والشرطية، وأنها يجب أن تتم بموضوعية وتجرد،

وباستخدام أحدث المعايير العلمية الدقيقة، وأنها يجب أن تطبق بشكل منصف وشفاف لضمان توفير فرص متكافئة، لأنه وببساطة شديدة، الأكاديمية العسكرية تقوم بدور كبير فى صياغة الشخصية المصرية وتأهيل الشباب من خلال برامج تعليمية وتدريبية ذات جودة عالية،

لأن بناء القوة لا يعتمد فقط على العتاد، بل على جودة العقل والمهارة، والاستنارة ومجابهة التطرف والتحديات الفكرية وهو ما يعتبر بكل تأكيد جزء أساسى من الأمن القومى، وهنا ينتقل مفهوم بناء الدولة القوية من يد الأجهزة الأمنية وحدها، ليصبح مسئولية جماعية يشارك فيها الأسرة، المدرسة، الجامعات، المساجد والكنائس، والإعلام.

المحور الثاني:

ثانى المحاور التى يمكن استخلاصها من حديث الرئيس السيسي عن بناء الجمهورية الجديدة هو محور «الحوكمة والرقمنة.. درع مكافحة الفساد والتخلف، حيث أكد الرئيس السيسي على أن الدولة لديها خطة طموحة لتطبيق الرقمنة والميكنة والاعتماد على الذكاء الاصطناعى فى مؤسسات الدولة،

وهذا المسار يمثل العمود الفقرى لإى إصلاح إدارى شامل، وهو بلا شك سلاح قوى فى مواجهة معوقات التقدم، واستخدام «منظومة مميكنة» فى اختيار الطلبة المتقدمين للكليات العسكرية، لضمان الانتقاء العادل وتوفير فرص متكافئة، هو مثال عملى على تطبيق الحوكمة التكنولوجية لضمان النزاهة والشفافية،

لذلك فإن ربط عملية التطوير الشاملة فى الدولة بتطبيق الرقمنة وتطوير التعليم لجعله متواكبًا مع سوق العمل الداخلى والدولى، ويؤكد أن الميكنة ليست هدفًا بحد ذاتها، بل أداة لتحقيق النمو الاقتصادى والمساهمة فى القضاء على البطالة.

المحور الثالث

يتمثل المحور الثالث وهو من أهم المحاور أيضا والتى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على التأكيد عليها والإشارة إليها فى حديثه مع الطلبة والطالبات والأئمة داخل الاكاديمية، يتمثل هذا المحور فى الأمن القومى والردع الداخلى والخارجى.

فقد أكدت تصريحات الرئيس السيسي بوضوح على أن مصر تولى أهمية قصوى لضمان الاستقرار الأمنى، الذى يعد بيئة حاضنة لكل تنمية وعمران واستقرار، تتجلى قوة الأمن الداخلى فى الأداء العالمى الذى وصلت إليه وزارة الداخلية وأشاد به الرئيس الأمريكى ترامب عندما كان فى شرم الشيخ منذ فترة قصير لتوقيع اتفاق الهدنة الخاص بغزة ومؤخرًا التقرير الذى صنف الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية كونها ثان صفحة على مستوى العالم بعد صفحة البيت الأبيض فى التفاعل والأداء الجيد،

كما أن تعزيز الثقة الأمنية والمتمثل فى إعلان الوزارة عن الضبطيات الكبرى وإنجازات مكافحة الجريمة المنظمة عبر منصاتها الرسمية يعزز من الشعور العام بالأمان ويمثل رسالة ردع.

كما أن مصر أيضا تقف بكل قواها فى مواجهة التخريب والتمييز، فقد أكد الرئيس أنه شخصيًا وكونه رئيسًا لمصر ضد التخريب والتمييز أيًا كان شكله، مشددًا على أن تماسك المصريين هو توفيق وفضل من الله، ورسالة توجه مباشرة ضد أى محاولات داخلية لتقويض الوحدة الوطنية أو إثارة الفتنة،

وقد جاء الفيتو الرئاسي على ما جرى من مخالفات وتجاوزات فى انتخابات المرحلة الأولى رسالة بالغة الأهمية، أكدت وجود إرادة عُليا تسعى لإتمام كل الأمور على خير وجه وتغيير الوضع للأفضل، ومنع أية معوقات أمام تحقيق هذا الهدف وهو تحقيق الإرادة الحقيقة للمصريين،

وأكدت أيضا على الدور القيادى فى التدخل لضمان نزاهة العملية السياسية، ليتماشى كل فعل مع رغبة الشعب المصرى فى بناء دولة المؤسسات والحفاظ على أمنهم واستقرارهم الداخلى بما لا يقل عن سعيهم فى الحفاظ على الاستقرار والأمن القومى بكل دوائره القريبة والبعيدة وعلى كافة المحاور والمستويات الإقليمية والدولية،

فكلنا نعلم أن مصر دفعت أثمانا باهظة من أجل أن تحافظ على أمنها القومى وأثمانا باهظة جراء توتر وتفاقم الأحداث وتدهورها فى مناطق الجوار، فقد خسرت مصر حوالى ٨ مليارات دولار من إيرادات قناة السويس نتيجة الهجمات فى البحر الأحمر،

وهذا يوضح أن الحفاظ على الأمن الإقليمى ليس مجرد هدف سياسى، بل له ثمن اقتصادى باهظ تتحمله الدولة المصرية للحفاظ على الاستقرار، لذلك فإن التأكيد على أن مصر تسعى لتحقيق الاستقرار فى كل دول المنطقة التى تواجه أزمات، على غرار الدور الذى قامت به لوقف الحرب فى قطاع غزة، يؤكد أن قوة مصر ضرورية لحماية الأمن العربى والإقليمى، وهو ما يتطلب تكاتف جميع أبناء الوطن لمواصلة «النهوض به وحمايته من أى تهديدات».

المحور الرابع

رابع هذه التحديات هو «تحديات النمو الاقتصادى والبناء المستدام»، فقد تناول الرئيس السيسي بعمق التحديات الاقتصادية والسُبل لتأمين مستقبل الأجيال القادمة، واستعرض سيادته أن ذلك يتم من خلال خطة الدولة الطموحة لإضافة 4.5 مليون فدان إلى الرقعة الزراعية بحلول عام 2026، وذلك تأكيدًا على أن السعي نحو زيادة الأمن الغذائى، مع التسليم بأن تحقيق الاكتفاء الذاتى من كل السلع الأساسية هو أمر غير عملى بالنظر إلى طبيعة مصر الصحراوية وتعدادها السكانى.

وفيما يتعلق بالطاقة والبنية التحتية العملاقة، فقد كان حديث الرئيس السيسي عن الفوائد الاستراتيجية لمحطة الضبعة النووية كونها ستنتج 4.8 جيجاوات من الكهرباء وتدعم الطب النووى، إنما حديثا يظهر التركيز على المشروعات العملاقة التى تضمن استمرارية الطاقة لأجيال، وتدعم التقدم فى المجالات العلمية،

ولم يتجاهل الرئيس الحديث عن «الدين» فى الإشارة إلى الوضع الاقتصادى وحجم الاحتياطى النقدى، وسُبل التعامل مع الدين الداخلى والخارجى، ليوضح مستوى الشفافية والتأكيد على أن تحديات الدولة تُناقش بوضوح مع الأجيال القادمة التى ستحمل المسئولية.

ختامًا..

إن هذا المزيج من الإرادة السياسية الصارمة، والتركيز على بناء الإنسان المستنير، والمضى قدمًا فى خطط التنمية العملاقة، هو الرد الحقيقى والعملى على أى محاولات لعرقلة مسيرة مصر نحو التقدم، وهو الضمانة لتمكين مصر من قيادة المشهد فى محيطها الإقليمى والدولى بخطى واثقة.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية