تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مشكلة الرياضيات
رغم مكانة الرياضيات الراقية بين العلوم المختلفة إلا أننى لم يكن بينى وبينها أى استلطاف. على مدى سنوات الدراسة وما بعدها من دراسات عليا كنت أهرب من أى التزام دراسى يتضمن الرياضيات بكل أنواعها. إننى بكل جدية أحترم الرياضيات وتمنيت طوال حياتى أن أتعرف على خباياها وأسرارها، لكن للأسف لم يتحقق أملى على الإطلاق.
كنت أعتقد أننى أعانى نقصا فى الذكاء أو القدرة على تحصيل علم الرياضيات، لكن انشرح صدرى واطمأن قلبى عندما علمت أن صعوبة تعلم الرياضيات ليست محض كسل أو قلة ذكاء، بل هى أحيانًا إعاقة معرفية خفية تعيق تطور الفرد العلمى والمهني، وربما تصدّه عن مجالات واعدة كانت لتكون ميدانه لولا عثرة الأرقام. فثمة من يعجز عن فهم العلاقات النسبية، أو يعانى من رهاب أو فوبيا الأعداد وهو اضطراب عصبى يمسّ قدرة الدماغ على معالجة الرموز العددية.
فالأرقام قد تكون لدى البعض دروبًا مضاءة بالمنطق والعقل، ولدى آخرين متاهات معقدة لا تنتهي. وبين من يجدون لذةً فى حل المعادلات ومن يعانون عند مواجهة أى مسألة حسابية بسيطة، يثور سؤال: لماذا تُعد الرياضيات عقبة ذهنية للبعض دون غيرهم؟ وهل يمكن تجاوز هذه العقبة بوسائل علمية حديثة؟
مؤخرا نشرت مجلة «بلس بيولوجي» الأمريكية دراسةً ثوريةً استندت إلى المراقبة الدقيقة لنشاط الدماغ أثناء عملية تعلم الرياضيات، وتحديدًا لدى الأفراد الذين يعانون من صعوبات مزمنة فى هذا المجال. ووجد الباحثون أن ثمة «توقيعات عصبية» مميزة، أو أنماطًا دماغية مرتبطة بنجاح أو فشل المتعلم فى التفاعل مع المفاهيم الرياضية. وقد نجح الباحثون من خلال تدخلات معرفية فى تحسين أداء المبحوثين بنسبة تتراوح بين 25% و29%. لم يعد الفشل فى فهم الرياضيات قدرًا محتومًا، بل عرض لحالة قابلة للعلاج.
لعلّ ما كان يُعدّ يومًا عائقًا قاسيًا فى مسار الإنسان، يصبح غدًا نقطة تحوّل نحو فهم أعمق للعقل، وتحريرٍ لقدراته الكامنة. وحينها، لن تكون الرياضيات مجرد أرقام، بل جسورًا نحو عالم أكثر عدلًا وذكاءً.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية