تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
رحيل صاحب القوة الناعمة
فى ساحة الفكر السياسى العالمي، تلوح بعض الأسماء كالنجوم اللامعة التى لا تنطفئ، حتى وإن خفت وهج السياسة اليومية. ومن بين تلك الأسماء، يتصدر جوزيف ناى « المفكر والأكاديمى الأمريكى البارز » الذى سطّر فى تسعينيات القرن الماضى مفهومًا جديدًا، فى ميدان العلاقات الدولية: نظرية القوة الناعمة. نقل الرجل العالم من حسابات المدافع والدبابات إلى سحر الثقافة والإقناع وقوة المثال.
رحل منذ أيام صاحب «القوة الناعمة». توفى ناى عن عمر 88 عاما بعدما تخرج فى عدد من أبرز وأشهر الجامعات فى أمريكا وإنجلترا. لم تكن نظرية ناى مثالية، بل جاءت بمنهج براغماتى يخدم الرؤية الاستراتيجية الأمريكية، فهو لم يكن فقط مفكرًا، بل كان فى قلب دوائر القرار السياسى الأمريكي، وشغل منصب مساعد وزير الدفاع لشئون الأمن الدولي، وهو ما أضفى على نظريته بعدًا عمليًا يخدم مصالح واشنطن، حتى لو بدا فى شكله الإنسانى يخاطب العالم بأسره.
ولدت فكرة القوة الناعمة فى رحم مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حين بدا أن الولايات المتحدة قد تربعت على عرش النظام العالمى دون منازع. كان جوزيف ناى يرى أن التفوق العسكرى والاقتصادى وحده لا يكفى لإدامة النفوذ الأمريكي، بل لا بد من استخدام وسائل الجذب غير القسرية «كالسينما، التعليم، الموسيقى، الإعلام، والقيم الديمقراطية» لبسط الهيمنة بطريقة ناعمة، ولكن أكثر فاعلية وديمومة.
سارعت أمريكا إلى توظيف هذه النظرية، ومارست ما أسماه ناى بـ»الهيمنة الجاذبة»، فتمكنت من التأثير على الشعوب والنخب من دون طلقة واحدة. لكن مع صعود دونالد ترامب إلى سدة الحكم، بدت ملامح السياسة الأمريكية تنحرف عن سكّة القوة الناعمة، وتتجه إلى خطاب عنيف انعزالى.
وجه جوزيف ناى انتقادات حادة لترامب، كتب مقالات نارية وصف فيها إدارة ترامب بأنها «قصيرة النظر»، فبينما يرى ناى أن القوة الناعمة طريق المستقبل، يصر بعض السياسيين على العودة إلى كهوف القوة الصلبة، متناسين أن الشعوب لم تعد تُهزم بالجيوش بل بالأفكار.
أعطت نظرية ناى العالم فرصة لتجاوز الصراع إلى التنافس السلمي، وتبقى القوة الناعمة أملًا دبلوماسيًا، وسلاحًا نبيلًا إن حَسُن استخدامه .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية