تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تراتيل سماوية
احتضنت مصر رسالة الإسلام على مدى يزيد على ألف وأربعمائة عام. رعت المحروسة كل ما ارتبط بالإسلام خاصة القرآن الكريم. حرص حكام مصر على مختلف ثقافتهم أن يعلو من شأن الدين وما يرتبط به، وكان على رأس اهتماماتهم، تحفيظ القرآن ورعاية قارئيه ووضعهم فى مكانة عالية تليق بما يحملونه من آيات سماوية.
لم يسعدنا الحظ بسماع قراء القرآن فى الأزمان السابقة لكن من حظنا فى الزمن المعاصر أن وفرت لنا الاختراعات الحديثة ميزة تسجيل أصوات عمالقة القراءة وتصوير بعضهم. وأسعدنا القدر بسماع محمد رفعت وعبد الباسط والمنشاوى والحصرى وغيرهم من عمالقة القراءة الذين كانوا أيضا سببا فى وجود مصر وثقافتها الممثلة فى أساليب القراءة وحلاوة الأصوات، فى المجتمعات العربية والإسلامية.
عندما يصدح صوت الشيخ محمد رفعت أو الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، تشعر كأنك تعيش فى عالم آخر، عالم من الصفاء الروحى والسكينة. لم يكونوا قراءً فحسب، بل فنّانين بأصواتهم العذبة، يحملون القلوب إلى عالم من الخشوع والتأمل. ولم تكن أصواتهم قاصرة على المساجد المصرية، بل انتشرت فى أرجاء العالم الإسلامي، من إندونيسيا إلى المغرب، ومن أوروبا إلى أمريكا. أصوات مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ المنشاوى كانت تجوب الأثير، تلمس الأرواح وتُلهب المشاعر. أصبحوا سفراء للإسلام، ينشرون رسالته بأداء يلامس القلوب.
تلك الأصوات العذبة كانت بمثابة جسر ثقافى وروحى يربط مصر بالعالم الإسلامي. ساهمت فى تعزيز صورة مصر كمنارة للعلم والدين والفن القرآني. ملايين المسلمين حول العالم تأثروا بأسلوب التلاوة المصري، حتى أن بعض الدول الإسلامية أصبحت تعتمد الطريقة المصرية فى تعليم التلاوة.
نحتاج إلى تعظيم هذه القوة الدينية الثقافية. مطلوب إحياء مدارس التلاوة وتدريب الأصوات وتعلم المقامات الموسيقية بالتعاون مع المتخصصين. علينا أن ننتهز فرصة شهر رمضان وهو شهر القرآن والتلاوة لدعم المواهب الشابة باعتباره موسمًا ذهبيًا لتقديم القراء الجدد للجمهور.
ترك مقرئو القرآن المصريون إرثًا خالدًا فى وجدان الأمة الإسلامية، وكانوا أحد أبرز أدوات القوة الناعمة لمصر. واليوم، نحن بحاجة إلى استثمار هذا الإرث.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية