تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الكتب .. والبالة !
فى الماضى كان أصحاب المقالات يتندرون ويسخرون من ظاهرة مثيرة للألم ومعبرة عن التناقض الصارخ لطريقة التعامل بين الأشياء. بينما كان رغيف الخبز يعرض فى الهواء الطلق يتناهشه الذباب وتغطيه الأتربة وعوادم السيارات، كان الحذاء يوضع ملمعا داخل فاترينة من الزجاج تحميه من حر الصيف وبرد الشتاء وتمنع عنه التراب والعادم وغيرها من الملوثات والمنغصات.
نفس الأمر يحدث الآن فى التعامل مع الكتاب والتعامل مع ملابس البالة. بينما يقوم حى الأزبكية بمطاردة باعة الكتب ويستولى على بعضها كبضاعة مخالفة للقانون، يتعامل بكل «شياكة» مع باعة البالة الذين احتلوا الأرصفة والشوارع وكل مساحات منطقة الإسعاف.
منطق معكوس، بل مقلوب ومرفوض أيضا.
ربما أراد رئيس الحى الجديد أن «يذبح القطة» لباعة الكتب، وهو منطق غريب فى علم الإدارة، أن ترهب الباعة لإثبات قوة شخصيتك أو قوة الحى الذى تديره. أفهم أن المخالف يعاقب بالطريقة التى يحددها القانون، فلا يوجد ما يبرر إرهاب الناس والاستيلاء على الكتب، خاصة أن الحى لا يعامل باعة البالة بنفس الطريقة، أم أن باعة البالة «مسنودين؟!».
إن مكاسب البالة مجسدة أمام أعيننا، أموالا وفيرة، ولا أحد يقترب منهم، بينما باعة الكتب لا يربحون مثلما تربح البالة وأباطرة البالة. ومع ذلك فإذا كان باعة الكتب مخالفين، فهى مخالفة محمودة، فالكتب معرفة وثقافة، والكتب تشرف أى حى وأى محافظة وأى دولة، فهى قوة ناعمة، سور الأزبكية قوة ناعمة وله شهرة عربية ودولية، والكتب التى تباع على نهر السين بفرنسا قوة ناعمة وفرنسا ترعاها. طالب باعة الكتب مرات من قبل وأنا معهم بتقنين أوضاعهم وتوفير أماكن مناسبة يبيعون فيها المعرفة والثقافة والرقي، لكن لم يستجب أحد، ربما لأنهم ليسوا «مسنودين» أو ليس من وراء مساندتهم طائل، على عكس باعة البالة، بضاعتهم تساوى أموالا كثيرة.
لم يراع الحى ظروف رمضان وظروف المعيشة كما تغاضى عن باعة البالة .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية