تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > رفعت رشاد > القوة الذكية تعيد صياغة العالم

القوة الذكية تعيد صياغة العالم

مارس الإنسان حروبه على مدى التاريخ بالسلاح. كانت القوة العسكرية أداة فرض الواقع. فى الزمن المعاصر لعب علماء السياسة دورا مهما فى تغيير مفاهيم الحروب، لم يعد السلاح وحده الوسيلة لتحقيق النصر، طور العلماء مفاهيم تجسرت مع ما قاله منذ 2500 سنة صن زو الصينى «أفضل الانتصارات التى تتم بدون حرب».

فصارت القوى الكبرى تمارس القوة الناعمة وجاء جوزيف ناى فى بدايات التسعينيات من القرن الماضى ووضع نظرية القوة الناعمة التى كان لها دور مؤثر فى إسقاط الاتحاد السوفييتى بدون إطلاق رصاصة واحدة. 

وقام ناى نفسه بتطوير مفهوم القوة الناعمة إلى مفهوم القوة الذكية الذى يجمع بين القوتين الناعمة والصلبة لفرض الإرادة وتحقيق الأهداف السياسية للدول. رأى ناى أن أدوات الحرب لم تعد تقتصر على الجيوش والدبابات، كما لم تعد أدوات التأثير محصورة فى الإعلام والثقافة. بل من الضرورى وجود القوة الذكية، بهدف إخضاع الخصم أو التأثير عليه دون الانزلاق الكامل إلى الحرب. 

فى الشرق الأوسط، بات هذا المفهوم واقعًا ملموسًا تُرسم به خرائط جديدة وتُعاد به كتابة فصول التاريخ. فمنذ اندلاع العدوان الإسرائيلى الواسع على غزة فى أكتوبر 2023، توظف إسرائيل كامل ترسانتها العسكرية، لكنها فى الوقت نفسه تحاول تطويع أدوات القوة الناعمة - من خلال وسائل إعلام غربية متحالفة، تبرير أخلاقيات العدوان، وشيطنة المقاومة.

المقاومة الفلسطينية مارست بدورها شكلاً من القوة الذكية، فقدمت نموذجًا لصمود ميدانى شرس، مدعوما برواية إنسانية أخلاقية وصلت إلى العالم. لم يعد يمكن لأية دولة أن تعتمد على السلاح وحده أو على الثقافة وحدها. وإن لم تواكب الأنظمة التقليدية التحولات الجديدة فإنها ستتآكل وتضعف مكانتها، ما يفتح الباب أمام قوى سياسية وفكرية جديدة. إن دولا صغيرة يمكنها كسب معارك كبيرة إذا أحسنت استخدام القوة الذكية.

القوة الذكية ليست رفاهية فكرية، بل ضرورة استراتيجية. ومن لا يملكها لن يكون له موضع قدم فى  المستقبل.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية