تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الفن وسيكولوجية الجماهير
قد يظن البعض أن الفن مجرد تسلية. الفن مسئولية حضارية، يصنع الوعي، يكوّن الذوق، يبنى القيم أو يهدمها. لذلك فالمخرج ليس مجرد فنان، بل مُهندس للوجدان، والمنتج ليس ممولًا فحسب، بل صانع ثقافة. والممثل مجسد لشخصيات درامية يجب أن تعبر عن المجتمع وحقيقته. إن الفن يعيد تشكيل الهوية، يُعرّف الناس بذواتهم، بتاريخهم، وأحلامهم.
منذ بداياته، لم يكن الفن مجرد وسيلة ترفيه، بل كان أداة تسكن القلوب وتحرك النفوس، سواء فى شكل أنشودة بدائية تُقال حول النار، أو مشهد سينمائى يُبث على شاشات ضخمة، ظل الفن يلعب دورًا بالغ العمق فى تشكيل الذوق الجماهيرى والانفعالات الجمعية. والجمهور لا يفكر كما يفكر الفرد، بل يتحرك بعاطفة جماعية. وهذا ما أدركه صناع الفن. ففى السينما، مثلًا، تُبنى مشاهد الإثارة على أساس علمى مدروس يتعامل مع الانفعالات، لا العقل. الجماهير لا تحلل كثيرًا، بل «تشعر»، وهنا يكمن السر فى قوة الفن.
صار الراديو والتليفزيون والسينما أدوات بث السحر، حين انتشر الراديو، بدأ الفن يتسلل إلى غرف النوم. ثم جاءت السينما لتمنح الناس أحلامًا مرئية، وتبعها التليفزيون ليخلق «الفن المنزلي». هذه الوسائط لم تكن حيادية، بل حملت معها رسائل وأمزجة وقيمًا، غالبًا ما تغيّر فى السلوك العام والمزاج المجتمعي.
تنجذب الجماهير لعناصر محددة، الإيقاع، التكرار، العاطفة، والرمز. فالأغنية التى تتكرر كلماتها وتلامس تجربة إنسانية عامة تكون أكثر تأثيرًا. لكن، هل ينجذب الجمهور إلى الفن الجيد بطبيعته، أم أن الفن الهابط يغريهم أكثر؟ فى الواقع، حين يُغمر السوق بالإنتاج السطحى المتكرر، يبهت حضور الفن الأصيل. وحين تُهيمن شركات الإنتاج التى تسعى للربح السريع، فإنها تفرض على السوق «موضات» من الأعمال. وبمرور الوقت، تعتاد الجماهير هذا اللون، وتظنه الطبيعى أو المفضل.
ينتصر الفن الراقى حين يجد مَن يحتضنه، من نقاد ومؤسسات تعليمية وإعلام نزيه. ليس الذوق الفنى أمرًا فطريًا خالصًا، بل يُربى. حين يتذوق الطفل منذ الصغر الموسيقى الرفيعة، والفن المسرحى الجيد، والروايات العميقة، فإن ذوقه يتشكل بصورة تحميه من السقوط فى فخ الرداءة الفنية حين يكبر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية