تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
فى ذكرى الإمام جاد الحق «1»
فى يوم 15 مارس الحالى تحل ذكرى رحيل شيخ الأزهر الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق، وفى أيام رمضان تعود ذكراه.. عندما كنت ألقاه لإجراء أحاديث للأهرام اليومى وللأهرام ويكلى كان فى كل لقاء كريما حاضر الذهن يتمتع بذاكرة حاضرة وشخصية قوية.. كان معروفا عنه استقلال الفكر والاعتداد بالأزهر كمؤسسة مستقلة مسئولة أمام الله أولا عن حماية العقيدة وإعداد أجيال من العلماء والدعاة على أعلى درجة من الكفاءة.
ولأنه كان قاضيا فقد اكتسب ملكة التأنى فى إصدار الأحكام والموازنة بين الآراء المختلفة واستخلاص الصواب وإصدار أحكامه بناء على أسباب شرعية ومنطقية، تخرج فى كلية الشريعة وفيها حصل على أعلى درجة فى التخصص فكان عليما بأصول الفقه وبالمراجع المعتمدة على القرآن والسنة وعلى التفسير الرافض لما فى الكتب القديمة من إسرائيليات وأحاديث غير صحيحة ومن أحكام وفتاوى بناء على أحاديث الآحاد ويؤكد أن الحكم الشرعى لا يكون صحيحا إلا إذا استند إلى الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة التى لا خلاف حولها ولا شك فيها.
وكان معروفا أن الرئيس الأسبق مبارك كان يقدره تقديرا خاصا ويعود إليه فى كل موضوع أو قانون يتعلق بالدين، وأذكر أنى سألته فى حديث منشور بالأهرام عما يقوله البعض عن «شيوخ السلطة» فقال لى إن الأزهر وعلماءه مستقلون ولا سلطان عليهم إلا القرآن والسنة والضمير الدينى المتأصل فيهم وأن هذه التسمية جاءت من أعداء الأزهر.
عمل مفتيا فكان له دور كبير فى تطوير دار الإفتاء وأشرف على جمع الفتاوى الصادرة عن الدار منذ إنشائها وهى ثروة فقهية – وصدرت فى 12 مجلدا تمثل مرجعا كاملا لكل ما يتعلق بالحياة والمعاملات والعبادات وبعدها عين وزيرا للأوقاف فبدأ من يومه الأول فى إعداد تصور لتطوير الوزارة وهيئة الأوقاف وشكل لجنة من قيادات الوزارة والهيئة وخبراء فى الإدارة المالية والأستثمار وضبط أوجه الإنفاق من أموال البر والصدقات.
وبعد شهور تم اختياره شيخا للأزهر فى عام 1988 وانتخب رئيسا للمجلس الإسلامى العالمى للدعوة. وظل فى هذا المنصب 14 عاما حتى توفى فى 15 مارس 1996 حقق فيها الكثير.. أنشأ المعاهد الأزهرية فى كل المحافظات والمراكز، واهتم بدور الأزهر فى إفريقيا فأنشأ معاهد أزهرية فى تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالديف وجزر القمر وأرسل بعثات أزهرية إلى كل الدول الإفريقية، وضاعف أعداد المنح لتعليم الطلبة من دول إفريقيا وآسيا، وأذكر فى إحدى زياراتى للصين أن التقيت عددا من أئمة المساجد وقيادات الجماعات الإسلامية هناك قالوا إنهم تعلموا فى الأزهر فى عهد الشيخ جاد الحق. ويذكر له أنه أنشأ فروعا لجامعة الأزهر فى المحافظات وأدخل الروح المؤسسية فى إدارة الأزهر وتطوير الدراسات العليا والإسكان الجامعى ومستشفيات جامعة الأزهر.. وعقد مؤتمرات عالمية لعلماء المسلمين لبحث القضايا المعاصرة من وجهة نظر إسلامية، وأنشأ مركزا للتعليم المفتوح للجنسين تابعا للأزهر لتدريس العلوم الإسلامية.
ومع كل المناصب التى تولاها عاش حياة بسيطة وكان – وهو شيخ الأزهر – يسكن فى الدور الرابع بالإيجار فى حى المنيل مكتفيا براتبه ومتنازلا عن كل مستحقاته فى المكافآت والجوائز المالية لأعمال الخير.
ويذكر له أنه تصدى بقوة لفكر الجماعات المتطرفة بأسلوبه العلمى الموضوعى، وناقش كتاب (الفريضة الغائبة) لزعيم جماعة التكفير والهجرة وأصدر كتابه المهم (بيان للناس) شرح فيه آراء الفقهاء وعلماء المسلمين التى تبين ضلال الفكر لدى جماعات الإسلام السياسى، ويعتبر هذا الكتاب مرجعا فى الفقه الإسلامى. وفى كتابه (هذا بيان للناس) أثبت بالإدلة من القرآن والسنة وآراء الفقهاء أن جماعات الإسلام السياسى تتبنى أفكارًا مخالفة للإسلام، وتتبنى ما فى الكتب القديمة من فتاوى وآراء تدعو إلى إنكار الزام الحاكم بمبدأ الشورى وحق المواطنين فى المشاركة فى الحكم وتنكر ما فى الإسلام من دعوات إلى احترام الأديان والرسل جميعا وإلى التسامح والعدل والمساواة.. وتدعى أن الحاكم جاء بإرادة الله ومعارضته معارضة لحكم الله وهذا تأييد لما فى دعوتهم من الاستيلاء على الحكم والانفراد به والاستبداد والإسلام دعوة لحرية الفكر وحرية العقيدة.
ومن مؤلفاته بالإضافة إلى كتابه المرجعى: (بيان للناس) كتب أخرى منها: (مع القرآن)، والنبى فى القرآن صلى الله عليه وسلم، والفقه الإسلامى: مرونته وتطوره، وأحكام الشريعة الإسلامية فى مسائل نسائية.
ليس هذا كل شىء، فمازال للحديث بقية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية