تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
سهام مسمومة
نتلقى السهام المسمومة من الغرب منذ مئات السنين وإلى اليوم. الحروب الصليبية. الاحتلال ونهب ثروات الشعوب. واحتفالات لحرق القرآن بادعاء حرية الرأى وبعد ذلك دعوات وضغوط لتغيير العقيدة والشريعة الإسلامية لكى تتفق مع القيم الغربية وكأن القيم الغربية هى المعيار الذى يجب أن تلتزم به كل الشعوب.
والغرب مشغول بتغيير عقائد المسلمين ولا يسعى إلى تغيير عقائد الصينيين أو الهنود أو حتى الملحدين. ووصلت البجاحة إلى حد أن تقدم الاتحاد الأوروبى يوما بمقترحات لتعديل أحكام الشريعة الإسلامية بإلغاء النص القرآنى الذى يبيح تعدد الزوجات، وإصدار تشريعات بإلغاء تجريم الزنا، أو تحريم المثلية الجنسية أو تغيير الجنس أو الإجهاض وجراحات إعادة العذرية، وإنهاء وصاية الآباء على أبنائهم بعد سن 16 سنة، وفرض عقوبة على الزوج فى حالة ممارسته العلاقة مع زوجته دون رغبتها واعتبار ذلك جريمة اغتصاب، وتقسيم ثروة الزوج والزوجة مناصفة عند الطلاق، ومساواة الرجل والمرأة فى الميراث..
ومنذ سنوات نشرت مجلة الإيكونومست البريطانية الشهيرة دراسة فى عشرين صفحة وكان عنوان الغلاف
«الإسلام والغرب: الحرب القادمة» كما يقولون مع رسم على صفحة كاملة يمثل الحروب الصليبية وعلقت عليها بعبارة: «يجب ألا يتكرر ذلك مرة ثانية»، وفى مقدمة الموضوع قالت إن أهم تنبؤات نهاية القرن العشرين أن العالم الإسلامى يهدف إلى محاربة الدول غير الإسلامية، وكما قال المفكر الأمريكى صموئيل هانتنجتون «إن للإسلام حدودا دموية» ونظرية هانتنجتون تتلخص فى حتمية الصراع بين الغرب وحضارة الإسلام، والإسلام - فى نظرية هانتنجتون - هو المنافس فكريا للغرب لأنه عقيدة قائمة على اليقين الذى لا يقبل المنافسة ومرجعيته كلام الله مباشرة، ويلاحظ هانتنجتون أن أعدادا كبيرة من المواطنين فى الغرب يتسابقون للانضمام إلى هذا الدين مما يسبب المخاوف لدى الغربيين مع الزحف الإسلامى الذى يهدم التخوم الجنوبية والشرقية لأوروبا مما يحتمل معه نشوب حرب باردة، ويجعل هذه الحرب التصرفات الوحشية لجماعات «إسلامية» وظهور قلاقل يثيرها المسلمون فى أوروبا، وفى ذاكرة الغرب اقتحام جيوش المسلمين لأوربا، والحروب الصليبية من الغرب، وسيطرة الإمبراطوريات الأوروبية على العالم الإسلامى فى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
كل هذا دعا مجمع البحوث الإسلامية لإعلان رفض التدخل الخارجى فى شئون مقررة فى الشريعة الإسلامية على سبيل القطع. ومع ذلك عاد البرلمان الأوروبى ليوجه إلينا السهام بدعوى غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان وكأن الديمقراطية وحقوق الإنسان لهما مكان فى سياسات الغرب فى الداخل والخارج، مع أن مفكرين وسياسيين فى الغرب يعلنون تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان وآخرهم الرئيس الأمريكى جون بايدن الذى وصف الديمقراطية فى أمريكا بأنها «ديمقراطية هشة»، ويكفى ما رأيناه من رفض الرئيس ترامب نتائج الانتخابات وإصراره حتى اليوم على أنها مزورة.. انتخابات مزورة فى أمريكا التى تحارب العالم بأسم الديمقراطية!
وكالعادة تظهر السياسة الغربية بأكثر من وجه. . وجه يحارب الإسلام والمسلمين ووجه يدعى احترام الإسلام والمسلمين ويدعو المسلمين للإفطار فى رمضان فى البيت الأبيض .. وقد تعودنا على هذه اللعبة، ونعرف ما وراء كل ذلك. للغرب أطماع فى الدول الإسلامية التى استعمرها سنوات طويلة ونهب ثرواتها ويريد الاستمرار فى ذلك ومنع محاولاتها لاستعادتها حقوقها، ظهر ذلك بوضوح فى غزو وتدمير العراق وليبيا بدعاوى وأكاذيب وظهرت النيات الحقيقية بالاستيلاء على البترول وإعادة الاحتلال وإقامة القواعد العسكرية وتحقيق أهداف إسرائيل.. وفى هذا السياق لم يكن غريبا أن يسارع رئيس الولايات المتحدة إلى زيارة إسرائيل فى بداية غزوها للقضاء على شعب غزة وحضوره مجلس الحرب الإسرائيلى بنفسه، وسبقه وزير خارجيته وأعلن أنه ليس فى مهمة سياسية ولكنه فى «مهمة دينية». مهمة دينية لتأييد القتل العشوائى لآلاف الأطفال والنساء وتدمير البيوت على من فيها. وإعلان أن الهدف «تسوية غزة بالأرض!» والحقيقة هى الرغبة فى الاستيلاء على البترول على شواطئ غزة.
كل هذا لا ينفى وجود مفكرين فى الغرب يعلنون احترامهم الإسلام ويعترفون بأن الإسلام دين السلام والتسامح. ونأمل أن يسود هذا التيار يوما.. ويكتشف الغرب عدم صحة نظرية هانتنجتون عن صراع الحضارات وحتمية الصراع بين الغرب والإسلام، ويكتشف أيضا بطلان نظرية الفوضى الخلاقة التى حكمت السياسة الأمريكية منذ عهد أوباما، وإلى أن يتحقق ذلك فإن على العالم الإسلامى أن يظل متنبها ولا ينخدع بالقول ويبنى علاقاته على الأفعال وليس على التصريحات، والشعوب الإسلامية تريد أن تعيش فى سلام وتحصل على حقها فى الحرية والكرامة كسائر الشعوب، وتتعاون مع كل دول العالم لتحقيق المصالح المشروعة لكل الأطراف وليس لطرف على حساب طرف.
هل هذه أمنية مستحيلة أم أن الضمير الإنسانى مازال حيًا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية