تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

إمام الدعاة

فى عام 1971 كان الشيخ الشعراوى يؤدى فريضة الحج عندما أذيع قرار تعيينه وزيرا للأوقاف، ولقيته صدفة فهنأته بالمنصب فوجدته غير سعيد وقال: «هى محنة أرجو الله أن ينجينى منها وامتحان أدعو الله أن أجتازه وهو راض عنى». ولم يغيره المنصب وظل محتفظا بتواصله مع الناس ومنحته الدولة سكنا يليق بوزير فى حى جاردن سيتى وكان العرف أن يستمر فى المسكن كمنحة من الدولة لكنه ترك المسكن بعد تركه الوزارة على الرغم من إلحاح بعض المسئولين عليه للبقاء فيه واعتباره «مكافأة نهاية الخدمة».

 

وبعد تركه الوزارة أصدر الرئيس السادات قرارا بتعيينه عضوا فى مجلس الشورى فلم يذهب إلى المجلس ولم يحلف اليمين وقال إنه لن يذهب إلا إلى المساجد ليواصل أحاديثه فى تفسير القرآن.

وقبل تركه الوزارة وجه إليه النائب عادل عيد استجوابا عن الفساد فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذى يتبع وزير الأوقاف، وكانت المفاجأة حين وقف الشيخ الشعراوى وقال: «إننى ما جئت إلى هنا لأرد على الاستجواب إنما جئت لأردد الاستجواب والجهاز المركزى للمحاسبات سجل المخالفات والتقارير موجودة فى مجلس الشعب وإننى أود لو أستجوب مجلس الشعب ماذا فعلتم بتقرير جهاز المحاسبات، ولقد ألغيت التفويض الذى كان يعطى السكرتير العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية سلطات الوزير، وقد وجدنا أن الملفات إختفت وقيل لى إن السكرتير العام للمجلس أبقى منك». وانتهت الجلسة بالشكر للوزير والموافقة على ما اتخذه من خطوات للقضاء على الفساد.

وأراد البعض الإساءة إليه فكتب أحدهم مقالا قال فيه هل يدفع الشعراوى الضرائب كاملة عن إيراداته الهائلة؟ ورفض الشيخ أن يكتب ردا على هذه الإساءة إلى أن تطوع مسئول كبير فى وزارة المالية وأدلى بتصريح نشرته الصحف فى إبريل 1986 أعلن فيه أن الشيخ يقدم إقراره الضريبى فى موعده وبانتظام ويبلغ مصلحة الضرائب بكل إيراداته وأنشطته ويسدد ما عليه من الضرائب كاملة، واكتفى الشيخ بأن قال: «الحمد لله، إن الله لا يصلح عمل المفسدين».

وخلال الفترة التى قضاها فى الوزارة حقق تطويرا ملحوظا فى أداء الوزارة فأنشأ بنك فيصل الإسلامى، وبدأ فى إصلاح أحوال أئمة المساجد وتدريبهم وتعيين الشيوخ المعممين وكلاء وزارة وكانت هذه الوظائف مقصورة على «الأفندية» وتوسع فى منح القرض الحسن والمساعدات للأرامل واليتامى والمرضى، وزادت فى عهده الموارد من التبرعات وأموال الزكاة من القادرين نتيجة ثقة المتبرعين فى حسن تصرفه فى هذه الأموال فى مصارفها الشرعية.

سألته بعد خروجه من الوزارة عن هذه التجربة فقال فى حديث منشور: «لو لم أمر بها لعلى كنت أتمناها، ولكنى والحمد لله أحب لو لم تكن فى حياتى هذه التجربة» .. وفى حديث آخر قال لى: الحمد الله ربنا أعطانى فرصة أتفرغ على السجادة وأصلى وأقرأ القرآن ورحمنى من «القرف».

وفى هذا الحديث قال إنه فى شبابه المبكر كان متحمسا لسعد زغلول ويشارك فى المظاهرات الرافضة للاحتلال والمطالبة بالاستقلال وبالدستور، كما أنه كان من المؤسسين لجماعة الإخوان مع حسن البنا وهو الذى كتب البيان الأول الذى تضمن أهداف الجماعة، وكان مأخوذا بالهدف المعلن لنشر القيم الإسلامية ولكنه بعد ذلك اكتشف أنها ليست كذلك وأن هدفها غير المعلن هو الوصول إلى السلطة وأنهم يعتمدون على العنف لتحقيق هذا الهدف واكتشف أن للجماعة نشاطا خفيا لا يعلم عنه الأعضاء شيئا يتمثل فى الجناح العسكرى «التنظيم الخاص» فافترق عن الجماعة مبكرا وأعلن بوضوح رفضه لقيام أى حزب سياسى على أساس دينى وقال: «السياسة صراع فكر بشرى ضد فكر بشرى آخر أما الدين فهو خضوع الفكر البشرى للفكر الإلهى». وقال: «إن الإيمان يغير طبيعة البشر فنجد الخنساء وهى فى الجاهلية ظلت تبكى أخاها صخرا حتى فقدت بصرها وبعد أن أسلمت استشهد أبناؤها الأربعة فى معركة القادسية فقالت الحمد الله الذى شرفنى باستشهادهم، هذا ما فعله الإيمان يقول الله تعالى: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا« ويقول الله تعالى: «ما كتب الله لنا» (ولم يقل) ما كتب الله علينا (لأن) على (تفيد الغرم والخسارة و لنا تفيد الخير والانتفاع ولهذا قيل عجبت لأمر المؤمن، إن أصابه خير شكر فكان خيرا له، وإن أصابه شر صبر فكان خيرا له، وكل بلاء عليه أجر من الله لمن صبر».

هذا جانب من حياة الشيخ الشعراوى الحافلة بالعطاء.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية