تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > رجب البنا > الشيخ محمود شلتوت أستاذ المجددين

الشيخ محمود شلتوت أستاذ المجددين

كان الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر من تلاميذ الشيخ مصطفى المراغى متأثرا بمنهجه فى الإصلاح الدينى وكان حريصا فى كل المؤتمرات واللقاءات الدولية التى شارك فيها على توضيح صورة الإسلام ودعوته للسلام والتسامح وحرية الفكر وبناء المجتمع على أسس أخلاقية وإقامة العدل بين الأفراد وبين الدول وأن الإسلام فى حقيقته دعوة للأخوة الإنسانية.

وكان من أحب المتحدثين فى الإذاعة يلتف الناس على اختلاف ثقافتهم حول الراديو للاستماع إلى حديثه المتدفق الذى يخاطب العقل والقلب فى أسلوب بسيط واضح.

كما كان أشهر شارح للقرآن فى زمانه، وكان جهاده الأكبر لتوحيد المسلمين وإنهاء الخلافات المذهبية التى تفرقهم وتضعف تأثيرهم فى العالم ولا تتفق مع أمر الله «إن هذه أمتكم أمة واحدة» «الأنبياء - 92» وفى كل أحاديثه كان ينبه إلى أن الخلافات بين المسلمين جعلت أعداءهم يطمعون فى أرضهم وثرواتهم ويسلبونهم مصادر قوتهم ويعوقون مسيرة تقدمهم.

ولهذا قرر وهو شيخ الأزهر عدم الاقتصار على تدريس المذاهب الأربعة المشهورة وتدريس جميع المذاهب فى مناهج الأزهر ليدرك الطالب أن الخلافات بينها فى الفروع وليست فى أصول الدين وأنها خلافات فى اجتهادات البشر وليس للمذاهب القداسة التى يسبغها البعض عليها، ولكل مسلم أن يأخذ من كل مذهب ما يشاء وله أن يترك كل المذاهب ويعبد الله بما فى القرآن والسنة الصحيحة.

وقد ترك ثروة فكرية وفقهية فى أكثر من عشرة كتب أهمها: الإسلام عقيدة وشريعة، وفقه القرآن والسنة، ومنهج القرآن فى بناء المجتمع، والمسئولية الدينية والجنائية فى الإسلام، وتنظيم الأسرة، وإلى القرآن، وتفسير القرآن (عشرة أجزاء)، والفتاوي، ومقارنة المذاهب.. ودعا إلى تنقية كتب التراث من البدع والإسرائيليات وكل ما يتعارض مع العقل وتقدم الحضارة الإنسانية.

وقد تابع تلاميذه منهجه وهم من علماء الإسلام الثقاة المؤهلين بالعلم والتقوى والإلمام بتغير الظروف ومصالح الناس التى تدعو إلى تغير الفتوى وتجديد الفقه الإسلامى والحرص على الربط بين الدين والحياة وتفسير القرآن تفسيرا جديدا فى ضوء العلوم الحديثة واستبعاد ما تسلل إلى كتب التفسير وكتب الحديث من فكر يتعارض مع منطق العقل ومع طبيعة الحياة المعاصرة، وكان ينبه إلى أن كتب التراث ثروة من إنتاج كبار العلماء يجب احترامها والاستفادة منها وتنقيتها مما أضيف إليها فى عصور التخلف، وعلماء الأزهر هم المؤهلون للقيام بهذه المهمة بمنهج علمي.

فى دعوته للتجديد يؤكد أن العقائد وأصول الشريعة جاءت واضحة فى القرآن والسنة الصحيحة ولا تحتمل اجتهادا، والاجتهاد مقصور على الفروع.

وطبيعة الإسلام تدل على أنه دين يتسع للحرية الفكرية، وهذه الحرية مقيدة بالمنطق وبالواقع وهذا ما جعله دينا صالحا لكل زمان ولكل مكان ولكل ثقافة. وفى القرآن والسنة الصحيحة ما ينظم علاقة الإنسان بربه، وما يترتب على ذلك من واجبات، كما ينظم علاقته بأخيه الإنسان - مسلما أو غير مسلم - وعلاقته بالكون وبالحياة فى الدنيا والآخرة.

والإيمان كما جاء فى القرآن هو الإيمان بالله وكتبه ورسله جميعا دون تفرقة بين الرسل، والإيمان بالملائكة وبالحياة بعد الموت وبأن الله على كل شيء قدير، والإيمان يفرض على المسلم أن يلتزم بالقيم والأخلاق وبالعمل الصالح «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا» «الكهف - 107» والإسلام فى عقيدته وشريعته يساوى بين البشر ولا يفرق بين الناس على أساس اللون أو الجنس أو الفروق الشخصية والاجتماعية، والله لا ينظر إلى صورة ومظهر الناس ولكن ينظر إلى أعمالهم خيرا أو شرا وأساس دعوة الإسلام «العدل» «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين»

«النساء 135» والعلاقات بين المسلمين فيما بينهم وبين غيرهم من الأمم قائمة على احترام حرية العقيدة وعدم الإكراه فى الدعوة أو معاداة المختلفين فى العقيدة «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» «يونس - 99» فالبشر مع اختلاف ألوانهم وعقائدهم إخوة فى الإنسانية. وسعادة البشر لا تتحقق إلا بالأخلاق، وهى صمام الأمان ووشيجة الترابط بين الناس، والمسلم بدون الأخلاق هو شجرة لا ظل لها ولا ثمرة، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أثقل ما يوضع فى الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق».

وجاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسأله: ما الدين يارسول الله؟ فقال له: حسن الخلق، وكرر الرجل السؤال ثلاث مرات فكرر الرسول الإجابة نفسها، وكانت امرأة تقوم الليل وتؤدى الفرائض كلها ولكنها كانت تؤذى جيرانها فقال الرسول: هى من أهل النار.

هذا هو الإسلام، والمسلم الحق هو الذى يخلو قلبه من الحقد والحسد والنفاق والكذب والخيانة، وقضية الضمير أشار إليها الرسول بقوله: إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهى القلب..

كان داعية بالعقل مؤمنا بالتقدم.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية