تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

رمضان شهر الانتصارات

ليس عجيبًا أن يكونَ شهرُ رمضانَ شهرَ الانتصاراتِ قديمًا وحديثًا، نعم.. ليس هذا عجيبًا؛ لأنَّ الصيامَ فى طبيعتِه يُؤهّلُ للنصرِ.

قالَ الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» «البقرة: 183»، كلمة «لعلكم» تُبيّنُ أنَّ حِكمةَ مشروعيةِ الصيامِ تحقيقُ التقوى التى هى وقايةُ النفسِ بحفظِها عن الوقوعِ فى الآثامِ، فالصيامُ يجعلُ العبد َ قادرًا على السيطرةِ على شهواتِه وضبطِها.

وربَّما ظنَّ البعضُ أنّ الغرضَ من الصيامِ إضعافُ الجسدِ وإضعافُ الشهوةِ فلا يقعُ الإنسانُ فى محرَّم، وهذا ليس ظنًّا صائبًا؛ لأنَّ الإسلامَ يريدُ من المسلمِ أن يكونَ قويًّا، قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِن المؤمنِ الضعيفِ، وفى كلٍّ خيرٌ» «رواه مسلم»، وقال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» «الأنفال: 60»، والقوةُ هنا قوةٌ صحيةٌ ونفسيةٌ وعقليةٌ وعِلميةٌ وثقافيةٌ...، فتحقيقُ القوةِ فى كلِّ مجالٍ مطلبٌ إسلاميٌّ.

والصائمُ لا يصدر منه أى ضرر أو إيذاء أو إساءة إلى الآخرين ماديّ أو معنويّ، حتى يتصف بصفات أهل الجنة، «الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ» «آل عمران: 134»، والصفح والعفو هنا يكون فى الحقوق الشخصية، التى لا يسبب الصفح والعفو فيها أى ضرر للوطن، أو أى إفساد فى الأرض أو أى إساءة للآخرين.

الصيامُ يقوى الإرادة، فالصائمُ بنفسه يمتنع عن أمورٍ حلالٍ له، ولكنه يبتعدُ عنها تنفيذًا لأوامر اللَّه تعالى، وهذا يجعلهُ قادرًا على الامتناع عن كل مُحرّمٍ فى جميع الأوقات.

فالصيامُ إذنْ يحقّقُ انتصارَ الإنسانِ على نفسِه وهذا هو الانتصارُ الأولُ الذى لا بدَّ منه أولًا قبلَ تحقيقِ أيِّ انتصارٍ آخرَ، مع العِلْمِ بأننا لا نقصدُ بالنفْسِ هنا الرُّوح، وإنما المقصودُ بها مجموعُ الصفات الذميمة فى العبد .

وهذا هو مجالُ الجهادِ الأكبرِ، وقد وردَ أنَّ سيدَنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لبعضِ العائدِينَ من الجهادِ: «قَدمتُم خيرَ مَقدمٍ، وقَدمتُم من الجهادِ الأصغرِ إلى الجهادِ الأكبرِ؛ مجاهدَةِ العبد ِ هوَاهُ» «الديلمى».

والصائمُ الذى مكَّنَه صومُه من التحكّمِ فى نفسِه وشهواتِها، فليستْ تقودُهُ ولا تسوقُهُ، هو المجاهدُ الحقيقُ بالنصرِ، ولهذا لا نعجبُ ممَّا نسمعُه عن بسالةِ وشجاعةِ وبطولةِ جنودِنا وهم يقفونَ بأجسادٍ مجردةٍ أمامَ أعتى وأشدِّ الآلاتِ الحربيةِ دونَ أن تحدثَهُم أنفسُهُم بالفرارِ، لأنهم قبل أن ينتصروا على عدوِّهم فى الجهادِ الأصغرِ انتصروا بالصيامِ فى الجهادِ الأكبرِ.

رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس الشيوخ

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية