تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. يسرا شعبان > التقاضي عن بُعد.. بين العدل والاتصالات

التقاضي عن بُعد.. بين العدل والاتصالات

شهدت الحكومة المصرية منذ أيام، مراسم توقيع بروتوكول تعاون بشأن التقاضي عن بُعد في الدعاوى المدنية بين كل من وزارتي العدل، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
بادئ ذي بدء يجب التفرقة بين القوانين الموضوعية والقوانين الإجرائية. 
وتعد فكرة التقاضي عن بعد إحدى الأفكار الهامة طالما نادى بها العديد من الباحثين ورجال القانون، ففكرة التقاضي عن بعد ترجع في المقام الأول لقانون المرافعات المدنية والتجارية، وهو قانون إجرائي شكلي. فقانون المرافعات المدنية والتجارية يختص بتنظيم القضاء المصري، بتحديد نطاق المحاكم المصرية، وترتيبها، واختصاصاتها، والإجراءات واجبة الاتباع أمامها، والقواعد الخاصة بالقضاة ورجال النيابة العامة والمحامين والكَتَبة والمُحضَرين. كما يحدد إجراءات التقاضي ورفع الدعوى، ويحدد المحكمة التي يمكن للشخص رفع دعواه أمامها، ووسائل الدفاع أمامها، وطرق إصدار الأحكام وطرق الطعن فيها. كذلك يتولى العمل على حماية حقوق المتقاضين؛ فهو يحدد الأصول والإجراءات التي يجب أن تلتزم بها المحاكم؛ لإقامة العدل بين الناس، والمتقاضون لاستيفاء حقوقهم.
ويمكن تعريف التقاضي عن بعد بأنه نظام قضائي معلوماتي يتم بموجبه تطبيق كافة إجراءات التقاضي عن طريق المحكمة الالكترونية بوساطة أجهزة الحاسوب المرتبطة بشبكة الانترنت و عبر البريد الالكتروني لغرض سرعة الفصل في الدعاوى و تسهيل إجراءاتها على المتقاضين وتنفيذ الأحكام الكترونيا. فيتيح التقاضي عن بعد لأطراف الدعوى وممثليهم الترافع الإلكتروني من خلال منصات ذكية ناجزة. كما يتيح لهم الرد على طلبات الدائرة من دون الحاجة لمراجعة المحكمة، وذلك في قضايا مسار التقاضي عن بُعد.
وقد نصت المواثيق الدولية والأوروبية وكذلك الدستور المصري على حق التقاضي باعتباره حق من حقوق الإنسان، لأنه ضمانة للوصول للحق أو العدالة الناجزة. فالعدل البطيء يعتبر موت للحق. وفكرة الوصول للعدالة والحق في حد ذاتها فكرة تخلط بقدر كبير من الأهمية على كافة المستويات وفي كل النظم القضائية في كل الدول l'accès à la justice.
فنصت المادة 97 من الدستور المصري الحالي علي أن :التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي ، و تعمل علي سرعة الفصل في القضايا, ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء, ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي, والمحاكـم الاستثنائية محظورة.
 
فما تقوم به مصر في الوقت حالي ما هو إلا سبيل لتحقيق "حياة كريمة" للمتقاضي المصري لو كان يمكننا التوسع في هذا المفهوم أو هذه الفكرة. لأن حياة كريمة ليست فقط برنامج أو مبادرة اجتماعية، بل هي معنى حقيقي وفلسفة لرفع كفاءة كافة القطاعات بالدولة في عهد الجمهورية الجديدة.
ويأتي هذا البرتوكول في إطار مواكبة توجه الدولة للتحول الرقمي، وذلك تماشيًا مع رؤية مصر 2030 واستراتيجية مصر لتحقيق التحول الرقمي، فشرعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في بناء مصر الرقمية بالتعاون مع كافة الوزارات والجهات المعنية بالدولة. وتمثل مصر الرقمية رؤية وخطة شاملة وتُعد بمثابة حجر الأساس لتحويل مصر إلى مجتمع رقمي.
وليس لفكرة التقاضي عن بعد أي مخاوف طالما تكفل من باب أولى المبادئ والحقوق التي تقوم عليها قواعد التقاضي والتي يكفلها قانون المرافعات كحيادية القاضي، وحق الدفاع، وحق الاستقلال ،والنزاهة.
وعلى العكس من ذلك، نرى أن التقاضي عن بعد سيحقق عدد من المزايا للمواطن ومنها سرعة التقاضي والتسهيل على المواطنين، بالإضافة إلى وجود تكامل بين المحاكم، وتقليل التكدس على المحاكم، وتيسير إجراءات التقاضي من خلال ميكنة أعمال وزارة العدل والمحاكم، وربطها بجهات الدولة المختلفة لرفع كفاءة، وقدرة المنظومة القضائية وتوفير أدوات تقييم ومتابعة الأداء بما ينعكس على الارتقاء بالعمل القضائي والإداري، وتوفير الوقت والجهد لأطراف عملية التقاضي. وفي هذا الشأن نري أهمية إعداد وتدريب أطراف العملية القضائية من محامين وهيئات قضائية على إجراءات التقاضي عن بعد.
وأخيراً وليس آخراً، يجب أن نذكر أن القانون كائن حي اجتماعي يحب أن يستجيب لاحتياجات ومطالب المجتمعات متى احتاجت لذلك.
...

مدرس القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية