تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. وليد محمود عبدالناصر > الدكتور نبيل العربى: من أهرامات الدبلوماسية المصرية

الدكتور نبيل العربى: من أهرامات الدبلوماسية المصرية

رحل عن عالمنا مؤخرا واحد من أهرامات الدبلوماسية المصرية ومن أبرز وأنبل فرسانها على مدى تاريخها الممتد لأكثر من قرن، وواحد من كبار الساسة العرب ومن كبار المفكرين أصحاب التوجه القومى العربى الأصيل، وواحد من أبرز علماء وفقهاء القانون الدولى على الصعيد العالمى، وهو السفير الدكتور نبيل عبدالله العربى، وزير الخارجية المصرى الأسبق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والقاضى الأسبق فى محكمة العدل الدولية، أحد الأجهزة المكونة للأمم المتحدة، كما شغل على مدى عقد ونصف عقد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، بداية بجنيف ووصولا إلى نيويورك.

 

وللدكتور نبيل العربى - رحمه الله - بصمات لا تنسى على مسيرة الدبلوماسية المصرية منذ انضمامه إلى صفوفها فى العقد السادس من القرن العشرين، واستمرت إسهاماته فى السياسة الخارجية المصرية وفى العمل الدبلوماسى المصرى منذ أن كان دبلوماسيا شابا، واستمر عطاؤه متواصلا حتى بعد أن تقاعد من موقعه الدبلوماسى بسنوات طويلة.

كما كان الدكتور نبيل العربى، وفى كل المواقع القيادية التى شغلها فى وزارة الخارجية المصرية منذ سبعينيات القرن العشرين، حريصا كل الحرص على تدريب وتأهيل كوادر دبلوماسية شابة ونقل خبراته إليهم، مؤكدا الطابع التراكمى لمؤسسة الدبلوماسية المصرية، ومانحا لهم الثقة فى أنفسهم وفى المؤسسة التى ينتمون إليها وفى وطنهم، ومؤكدا لهم، من خلال مواقف وتجارب عملية، أولوية المصالح الوطنية العليا لمصر والوعى الكامل بانتماء مصر العربى والمصالح المشتركة لمصر مع بلدان الجنوب كافة.

كما كان للسفير الراحل الدكتور نبيل العربى دور أساسى فى جعل الإدارة القانونية فى وزارة الخارجية المصرية، ولعقود، واحدة من أهم إدارات الوزارة، التى كانت لها دائما آراؤها المهمة ليس فقط على مستوى الوزارة، بل على مستوى الدولة المصرية، وإزاء العديد من القضايا المهمة.

وكان الراحل الكريم واحدا من أكبر خبراء مصر فى العمل فى المنظمات الدولية وفى التعامل الإقليمى والدولى المتعدد الأطراف لسنوات طويلة، وتوجت جهوده على الصعيد الوطنى المصرى بشغله منصب المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى فى جنيف ثم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، ثم بتوليه منصب وزير الخارجية عقب ثورة 25 يناير 2011، وتوجت عربيا باختياره بتوافق الآراء أمينا عاما لجامعة الدول العربية بعد ترشيح الدولة المصرية له لهذا المنصب فى عام 2011، كذلك كان من كبار الفقهاء المصريين والعرب فى القانون الدولى، وهو الأمر الذى تم تتويجه بانتخابه قاضيا بمحكمة العدل الدولية فى مطلع الألفية الثالثة خلفا للفقيه القانونى الدولى والدبلوماسى الجزائرى الكبير الدكتور محمد بجاوى.

ويبقى الإنجاز الوطنى التاريخى الذى سوف يذكره دوما كل المصريين للفقيد الكريم السفير الدكتور نبيل العربى متمثلا فى قيادته فريق الدفاع المصرى فى قضية طابا الشهيرة بين مصر وإسرائيل فى النصف الثانى من عقد الثمانينيات من القرن العشرين أمام هيئة محكمة التحكيم التى اتفقت الدولتان آنذاك، بوساطة أمريكية، على إنشائها فى مدينة جنيف السويسرية، لتبت وتصدر أحكامها فى هذه القضية المهمة التى تعلقت بقطعة غالية من أرض سيناء بقيت متنازعا عليها بين مصر وإسرائيل بعد إتمام انسحاب إسرائيل من بقية شبه جزيرة سيناء فى الخامس والعشرين من أبريل 1982 تنفيذا لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى تم توقيعها بينهما فى 26 مارس 1979.

وقد تحقق إنجاز وطنى كبير، بل وانتصار قانونى، لمصر فى هذه القضية من خلال الحكم الذى أصدرته هيئة محكمة التحكيم بأحقية مصر فى طابا فى عام 1988، وهو ما توج جهودا محمودة ومكثفة وممتدة للعديد من الشخصيات والمؤسسات المصرية، وكان نصرا لمصر وللدبلوماسية المصرية وللراحل الكريم الدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية المصرى آنذاك، الذى كان يترأس الهيئة الوطنية المصرية لقضية طابا.

إلا أن هذا الإنجاز مثل إقرارا بالقدرات الدبلوماسية والقانونية الاستثنائية للسفير الدكتور نبيل العربى رحمه الله، واعترافا بإدارته المتمكنة والمتميزة لملف قضية طابا على أرض الواقع، خاصة فى مرحلة التحكيم فى جنيف، سواء عندما كان مديرا للإدارة القانونية بوزارة الخارجية المصرية أو عندما تولى بعدها منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى فى جنيف، ولقيادته الحكيمة لفريق الدفاع المصرى الذى ضم فى حينه عمالقة، كل فى مجال تخصصه، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الفقيه القانونى الدولى المصرى البروفيسور جورج أبى صعب، والوزير الأسبق أستاذ القانون الدولى البارز الدكتور مفيد شهاب، وأستاذ القانون الدولى الراحل الدكتور صلاح عامر، والوزير الأسبق السيد المستشار أمين المهدى رحمه الله، والمؤرخ الكبير الأستاذ الدكتور يونان لبيب رزق رحمه الله، واللواء الأسبق عبدالفتاح محسن، ضمن آخرين. ولا يمكن هنا ألا نذكر أيضا دور وزير الخارجية الأسبق السفير الراحل أحمد ماهر السيد الذى شغل منصب مدير الإدارة القانونية بوزارة الخارجية المصرية عندما تولى الراحل الكريم السفير الدكتور نبيل العربى منصب المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة فى جنيف.

ونتيجة لهذا الإنجاز التاريخى، تم تكريم مستحق من جانب الدولة المصرية لفريق الدفاع المصرى فى قضية طابا، وفى مقدمته الدكتور نبيل العربى، مرتين: الأولى فى عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك وقت صدور حكم المحكمة لصالح مصر، والثانية فى عهد الرئيس المؤقت السابق لمصر المستشار عدلى منصور عام 2014.

> سفير بالمعاش وأستاذ العلوم السياسية

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية