تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

عولمةُ البلطجة

لن ينتهى الجدال حول أصل العولمة، وهل هى عملية تطور طبيعى، أم أنها مؤامرة أو مشروع خُطط له بليل أو نهار؟. سؤال مهم، ولكن جوابه صار أقل أهمية من ذى قبل لأنه يتعلق بما كان, فى الوقت الذى يتعين تركيز الاهتمام على ما سيكون.

والحالُ أن العولمة صبت فى مصلحة الغرب بمقدار ما كان هو الأقوى فى العالم. ولهذا فما أن أخذت قوى دولية أخرى تشق طريقها إلى المقدمة حتى نازعته منافع العولمة, وفرضت على كباره الارتداد إلى سياسات سبقتها وكان معتقدًا أنها باتت تاريخًا انقضى. الحرب التجارية المُستعِرة ضد الصين مثال واضح لأنها تناقض الأسس التى تقوم عليها عولمة التجارة وكل ما يتصل بها. ويخطئ من يفكر فى مستقبل العالم دون أن يحسب حساب الصين، حتى إذا كان حاضرُها ينوء بأثقال تاريخها، ويدفعها إلى تبنى سياسة صبر طال أمده. ولكن لكل صبر حدود.

وليست الصين وحدها التى تزاحم الغرب. دول أخرى فى آسيا وأمريكا اللاتينية دخلت السباق على محاسن العولمة، ويتبع بعضها سياسات أكثر نجاحًا فى الحد من مساوئها. وإذا صح ذلك، فالمتوقع أن ما يجنيه الغرب من تلك المحاسن سيقل يومًا بعد يوم، مثله فى ذلك مثل إسهامه فى تشكيل ملامح العولمة.

وربما لهذا السبب، وأسباب أخرى, يحاول الغرب تعويض ذلك بتوسيع نطاق البلطجة التى تُعدُ امتدادًا لإجرام تاريخى صُبغ به وجه العولمة منذ إرهاصاتها الأولى جدًا فى مرحلة الغزو الاستعمارى. فالعولمة ليست جديدة، ولم تبدأ مع انتهاء الحرب الباردة، إذ تعود بداياتُها الأولية إلى التحول الذى حدث فى العالم وأدى إلى تفوق الغرب على غيره، واتجاهه إلى جنى ثروات العالم على مدى قرون طويلة أخذت الظاهرة الاستعمارية خلالها أشكالا عدة.

هذه البلطجة الإجرامية هى ما يُتوقع أن تزداد، بعد أن مزَّق التحالف الصهيونى-الأمريكى القانون الدولى, وما كان قد بقى من قواعد وقيم تحكم العلاقات فى العالم. ولهذا قد تكون عولمة البلطجة جزءًا من الجواب عن السؤال عما سيكون، بعد أن تقادم السؤال عما كان.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية