تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

جمهورية تتداعى؟

أنتجت الانتخابات التشريعية الفرنسية برلمانًا مُعَلقًا لم يحصل أى حزب أو تحالف على أغلبيةٍ مطلقة فيه. تشكيل الحكومة فى مثل هذا الوضع يتطلب مرونةً واستعدادًا للتفاهم على تسوياتٍ صعبة. أما استمرار أى حكومة تُشكل فى وضعٍ كهذا فهو أكثر صعوبة. ولا يختلف هذا الوضع فى جوهره عن ذلك الذى أدى إلى انهيار الجمهورية الرابعة عام 1958، برغم اختلاف طبيعة النظام السياسى فى الجمهوريتين. كان النظام فى الجمهورية الرابعة برلمانيًا. ويعمل هذا النظام بشكل جيد إما حين يكون فى إمكان أحد الأحزاب الحصول على الأغلبية كما فى بريطانيا، أو عندما تكون الأحزاب أو بعضها قادرة على بقاء ائتلافات مستقرة كما فى ألمانيا. لم يتوافر هذا أو ذاك فى الجمهورية الفرنسية الرابعة التى أُسست 1945، فانهارت فى 1958. أما نظام الجمهورية الخامسة شبه الرئاسى فيحتاج الرئيس فيه إلى أغلبيةٍ برلمانية تسانده، أو قدرة على التعايش مع حزبٍ آخر ينال الأغلبية ويتولى زعيمه رئاسة الحكومة. وتميزت الجمهورية الخامسة بوجود أغلبية برلمانية مع الرئيس معظم الوقت، وبقدرة على التعايش حين غابت هذه الأغلبية. ولكن الوضع اليوم مختلف تمامًا. فقد جاء التحالف الرئاسى فى المركز الثانى بعد التحالف اليسارى. ولا يبدو أن تشكيل ائتلاف كبير بين التحالفين ممكن، ليس لأن جاك ميلانشون زعيم الحزب الأكبر فى التحالف اليسارى قد لا يقبل التنازل عما يعتبره جوهريًا فى برنامج هذا التحالف، ولكن أيضًا لأن ماكرون لن يستطيع التعايش مع ائتلافٍ يميل نحو اليسار. ولهذا ستطول المفاوضات والمساومات لأشهرٍ. ربما يتمكن ماكرون من شق التحالف اليسارى، وجذب الحزب الاشتراكى وحزب الخضر لتشكيل تحالف مع معسكره والجمهوريين الذين لم يتحالفوا مع اليمين الأقصى. ولكن الأرجح أنه سيكون ائتلافًا هشًا وغير مستقر، وقد يسقطُ بعد أشهرٍ من تكوينه. وإذا أضفنا إلى ذلك أن حزب اليمين الأقصى، الذى تراجع فى الجولة الثانية بمعيار ما كان متوقعًا، حقق تقدمًا بمقياس ما كان فى الانتخابات السابقة، وأن الطريق مازال مفتوحًا أمامه فى المستقبل القريب، يصبح التساؤل ضروريًا عما إذا كانت الجمهوريةُ الخامسة تقترب من نهايتها.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية