تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الكتابةُ المُمتعة

لا يميز معظم العرب فى عصرنا بين الكتابة الجميلة الممتعة، وكتابة تبدو كما لو أنها كلام منطوق سجل صوتيا ثم وضع فى صورة نص. وفى إغفال هذا الفرق الكبير، أو عدم إدراكه، تدهورمعرفى وظلم للغتنا الجميلة التى تختلف عن غيرها من اللغات.

 

يقترن الإمتاع والمؤانسة بالإخبار والإفهام فى الكتابة باللغة العربية أو هكذا يفترض. لا يحدث هذا الآن إلا قليلا، بعد أن كان كثيرا، رغم أن الأسلوب فى اللغة العربية مهم أكثر من أى لغة أخرى. وهو لا يقل فى أهميته عن المحتوى. فالإلمام بهذا المحتوى يتطلب قراءة متأنية قليلا ما تتوافر لها فرصة فى زمن السرعة الفائقة والازدحام الشديد فى وقت من يقرأ.

وهذا التأنى ضرورى للاستمتاع بكتابة جميلة إن أدرك القارئ ما يميزها عن غيرها. كما أن ضعف قيمة المحتوى يرتبط فى كثير من الأحيان، وإن لم يكن فيها كلها، برداءة الأسلوب.

وفى هذا الاقتران بين الشكل والمضمون تتميز لغتنا عن غيرها من اللغات.

ويعرف من يجيد الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية مثلا هذا الفرق حق المعرفة، خاصة من جرب أن يكتب بكل منهما فى الموضوع نفسه، بدل أن يكتب بإحداهما ثم تترجم كتابتُه إلى الثانية, وبصفة أخص إذا كان ممن يحرصون على أن تكون هذه الكتابة جميلة ومُمتعة.

وهذا النوع من الكتابة الجميلة «صنعة» تجمع بين بعض مقومات صنعات يدوية عدة. الكاتب الذى يريد أن يصنع نصًا جميلا وممتعًا يختار الكلمات والعبارات الأكثر دقة وتعبيرًا عن المعنى الذى يقصده من بين مترادفات كثيرة ليست كلها متطابقة تمام التطابق، وغالبا ما تكون إحداها أكثر ملاءمة لسياق معين، فيما تعد أخرى أكثر مناسبة فى سياق مختلف.

كما أن لكل حرفٍ فى هذه اللغة، وليست كل كلمة فقط، دلالته المميزة. نجد على سبيل المثال فقط حروفا فيها قوة وشدة وأخرى بها ليونة ولطافة، وهو ما أعود لتوضيحه فى وقت لاحق.

هذه اللغة الثرية الجميلة جديرة بأن نعنى بها فى كتاباتنا إذا أردنا أن تكون ممتعة فى زمن تسوده الرداءة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية