تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

التوافق الوطنى

يحتاج تحقيق استقرار مستدام فى أى مجتمع إلى توافق أو تراض عام بشأن مقوماته. ولا يعنى هذا اتفاقًا كاملاً على كل شىء، وإنما على مقومات أو ركائز تمثل البنية الأساسية للدولة والمجتمع يتوافق عليها الجميع ويختلفون بعدها فى كل ما يعن لهم الاختلاف بشأنه.

 

وربما يجوز تشبيه المقومات والركائز التى يتعين التوافق عليها بالأساس الذى يوضع تحت الأرض عند بناء أى مبنى. فحين يُشرع فى هذا البناء يجوز الاختلاف على كل شىء يتعلق به إلا مواصفات ومستلزمات الأساس الذى يُرمى أولاً ليُقام عليه المبنى. فإذا حدث خلاف مثلاً على كميات الحديد أو الأسمنت اللازمة يصبح انهيار المبنى بعد بنائه محتملاً.

ولا يختلف المجتمع فى ذلك، إذ يجوز أن يُختلف على كل شىء فيه إلا المقومات أو الركائز الأساسية التى ينبغى أن يكون هناك توافق وطنى عليها لأنها لا تتغير من انتخابات إلى أخرى أو من حكومة إلى غيرها. وعند الوصول إلى هذا التوافق الوطنى لا يجوز لأحد أن يغير المقومات والركائز التى يقوم عليها بمفرده حتى إذا حصل على الأغلبية فى انتخابات أو أخرى. فهذه المقومات والركائز لا تتغير إلا بموافقة كل من شارك فى التوصل إليها، ومن ثم التوصل إلى أسس لتوافق جديد إذا كانت هناك ضرورة لذلك.

وينصرف التوافق الوطنى بهذا المعنى إلى دستور الدولة وقوانينها الأساسية، ومن ثم المبادئ العامة التى تعتبر قواعد منظمة للعملية السياسية والتطور الاجتماعى. ولابد أن يحدث التنافس السياسى-الانتخابى والفكرى فى هذا الإطار. فلا فرق فى الجوهر بين التنافس السياسى والفكرى, والتنافس فى أى مجال من مجالات الحياة، إذ لا يستقيم أى تنافس بدون قواعد ينطلق منها المتنافسون ويلتزمون بها ويعودون إليها كلما اقتضى الأمر. فعلى سبيل المثال إذا لم يرتض فريقان، وهما فى الملعب، القانون الذى ينظم اللعبة ينتفى أهم مقومات التنافس وتنهار المسابقة التى يتنافسان فيها.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية