تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الإجرامُ على أصوله

حين يكون الإجرام متأصلاً فى تكوين الكائن الحى لا يحدُه سقف. لم يستطع بعض أقارب الأسرى الصهاينة تغيير موقف حكامهم الذين لا يعبأون بهم، فتوجهوا إلى معبر كرم أبو سالم وشكلوا سلسلة «بشرية» لمنع دخول الشاحنات التى تحمل النذر اليسير من مساعداتٍ لا تقى الكثير من أهل غزة الجوع والعطش. وجدوا أن إجرام حكامهم وصل إلى حد التضحية بالأسرى، بل تفضيل قتلهم فى القصف الهمجى حتى لا يضطروا إلى مبادلتهم بالمعتقلين الفلسطينيين فى سجونهم، فقرروا أن ينافسوهم فى الإجرام المتأصل فيهم.

 

يُعَّبرُ هذا الإجرام, الذى بلغ مستوى غير مسبوقٍ فى التاريخ الحديث, عن طبيعة التجمع الصهيونى الاستيطانى. ليس إجرامًا عابرًا مرتبطًا بظرفٍ معين بل مُتجَّدر فى الكيان الصهيونى. إنها سمةُ الصهيونية، بغض النظر عمن يحكم ومن يُحكم فى هذه المرحلة أو تلك. يسيرُ أغلبيةُ ساحقةُ من الصهاينة وراء من يُمسكون بدفة الممارسات الإجرامية فى هذه المرحلة. يختلفون فى تفاصيل، وعلى مصالح، ولكن ليس على الوصول بالإجرام إلى مستوى تاريخى.

تُطربُهم جميعًا أصوات المتفجرات التى تُقصفُ بها غزة ليلاً ونهارًا، وتُسعُدهم عذاباتُ ضحايا هذا القصف الذين يُتركون عمدًا لينزفوا حتى الموت، أو تفيضُ أرواحهم ببطءٍ تحت أنقاض مبان تُهدم فلا يجدون إلى الخروج سبيلاً، ولا يستطيع أحدُ الوصول إليهم لإنقاذهم. تُبهجُهم صورُ وفيديوهات أطفالٍ يقضون نحبهم كل يومٍ إن لم يكن بفعل القصف الهمجى فنتيجة الجوع أو العطش، أو منع الحليب عن الرُضع منهم. وبقوا أيامًا يتلذذون بمشاهدة موت الأطفال الخُدج ببطءٍ فى مستشفى الشفاء التى دمَّروها على رؤوس من كانوا فيها، ولم يجدوا فى هذا العالم التعس من يحاسبهم.

روى أطباءُ بريطانيون عملوا فى مستشفى شهداء الأقصى حتى بضعة أيامٍ مضت قصصًا مؤلمةً عن فظائع شاهدوها. ولخص د. نيك مانيارد الجراَّح فى أوكسفورد جانبا من المشهد الإجرامى عندما قال إنه وجد فى هذا المستشفى إصاباتٍ لم يتخيل مثلها ومعاناةً يتعذر وصفها فى وضعٍ قال عنه إنه والجحيمُ سواء. وليس هذا إلا بعض ما يحدثُ حين يكون الإجرام متأصلاً فى الأعماق.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية