تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
اعتذارُ واجب
صمت المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان طويلاً، فبدا لكُثُرٍ أنه متواطئ مع المعتدين على غزة. معذورون من أشبعوه هجومًا، ومُحقون أيضًا، لأن تأخره طال فازداد عدد الضحايا ووُسع نطاق التدمير. كما أن زيارته الكيان الإسرائيلى فى ديسمبر الماضى دعمت الاعتقاد فى تواطئه مع جرائم الإبادة.
ولكن تبين أخيرًا, ضمن ما كُشف عن كواليسه، أنه ذهب مُحذرًا ومُوضحًا أن موقف القادة الصهاينة يزداد صعوبةً كل يوم، وأن المحكمة ستتخذ إجراءات ضدهم ما لم يوقفوا الجرائم أو يتركوا «القضاء» الصهيونى يفتح تحقيقًا «مُقنعًا». مفهومُ أنه حاول تجنب نارٍ يعرف أنها ستُفتح عليه إذا تحرك وأدى واجبه، وراوده أمل فى أن يُقنع مُجرمين بوقف إجرامهم لكى لا يضطر إلى تحمل تبعات تحرك تفرضه واجبات موقعه.
وهكذا انتظر طويلاً، قبل أن يُقدم على المواجهة. اخترق خطًا أحمر كبيرًا, وطلب توقيف اثنين من قادة الكيان. وحاول فى الوقت نفسه أن يوازن موقفه، فضم إليهما ثلاثةً من قادة حركة «حماس»، وهو يعرف أنها مساواةُ ظالمة. ولكن يجوز فهم دوافعه، وهو الذى يتعرض لضغوطٍ مهولة لم يتحمل موظفون دوليون آخرون أقل منها بكثير. ومن هذه الضغوط ما يُعدُ إرهابًا سافرًا من أى غطاء. ولهذا يُحسب له ُإقدامه، ويستحق اعتذارًا ممن ذهبوا بعيدًا فى إساءة الظن به، ومن بينهم كاتب السطور.
مذكرتُه إلى الدائرة التمهيدية الأولى فى المحكمة تدل على أن ضميره لم يتحمل أكثر مما حمَّله إياه لأكثر من سبعة أشهر, وطلبُه توقيف نيتانياهو وجالانت مسنود بـ «أسباب معقولة للاعتقاد فى أنهما يتحملان المسئولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ارتُكبت اعتبارًا من 8 أكتوبر 2023 على الأقل». ومن أهم ما ذكره أن هذه الجرائم ارتُكبت بشكل منهجى.
ولهذا فعندما تُصدر الدائرة القضائية المُحال إليها الاتهام قرارها سيتجاوز أثره تقييد حركة المُجرمين المتهمين لكيلا يتعرضا للاعتقال حال ذهابهما إلى كثير من الدول، وبينها دول أوروبية. فهذا الاتهام يُدشن مرحلةً جديدة فى مسير كيان استعمارى متوحش إلى مُنتهاه.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية