تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

هل انتهت الحرب؟

فى تطور درامي، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بصورة مفاجئة، وقفا للعمليات العسكرية بين إسرائيل وإيران بعد 12 يوما من التصعيد الحاد، الذى بلغ ذروته بعد الضربات الجوية الأمريكية على أهم المنشآت النووية الإيرانية، والتى قال عنها إنها هى التى أنهت الحرب، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل حول شروط وترتيبات وقف إطلاق النار، ومن دون أن يكون هناك اتفاق مكتوب موقع عليه من الطرفين مثلما تقتضى الأمور فى مثل هذه الحالات، فقط اكتفى فى قمة الناتو التى عقدت مؤخرا، بمقارنة الهجوم الأخير الذى شنه ضد الجمهورية الإسلامية، بالقنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكي، واللتين كتبتا فصل النهاية للحرب العالمية الثانية، ولا شك أنه قياس مع الفارق وبه كثير من المبالغة، وربما قفزا على الواقع، وهو ما يثير كثيرا من التساؤلات حول ما ستحمله الأيام المقبلة، وما إذا كانت الحرب الإسرائيلية الإيرانية قد انتهت بصورة حاسمة أم لا.

استهدفت الضربة الأمريكية التى جاءت فى اليوم العاشر للحرب، ثلاثة مواقع إيرانية تشكل البنية التحتية النووية الحيوية، وهى فوردو ونطنز وأصفهان، بقنابل هائلة التطور وخارقة للتحصينات تحت الأرض، وكانت كلها عصية على التدمير، ولم تقو الدولة العبرية على الوصول إليها والتى استمرت بقصف المنشآت فوق الأرض،ما يعنى وجود تنسيق تام بين واشنطن وتل أبيب ومنذ اللحظة الأولي، وأن إدارة ترامب هى من أعطت الضوء الأخضر لعملية الثالث عشر من يونيو، وساعدت فى عملية التمويه ثم تدخلت فى الوقت المناسب، ويعزز من ذلك ما صرح به وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث بعد إعرابه عن تقديره لحكومة بنيامين نيتانياهو كحليف استراتيجي، بأن «هذه العمليات من الجانبين استغرقت شهورا من التخطيط لها» ما يؤكد أن قرار الولايات المتحدة لم يأت فجأة، بل كان جزءا من خطة مدروسة وضعت من وقت طويل، ما يعنى أن هناك كثيرا من الخبايا فى هذه الحرب قد يصعب التكهن بكل أبعادها الآن، وأنها قد تتم على مراحل تتحدد وفقا للتطورات على الأرض.

وعلى الرغم من بعض الخلافات السياسية الداخلية والجدل الذى شهدته الساحة الأمريكية حول مدى تأثير الضربة على قدرات إيران النووية،، والتى رد عليها بقوة كل من وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، فإن الثابت أنها كانت شديدة الدقة، وحققت الأهداف المرجوة منها فى هذه المرحلة، وفى مقدمتها كبح الطموحات النووية الإيرانية دون الانزلاق لحرب شاملة، ولذا توعدها ترامب بأن «أى رد منها سيُقابل بقوة تفوق بكثير ما شهدته، وأن ما جرى قد يكون مجرد البداية»، وأنه قادر على شل اقتصادها بالكامل، وضرب قطاعها فى مجال الطاقة.

باختصار لم تهدف هذه العملية لإسقاط النظام حسب ما أوردته محطة «سى بى اس» وأكده ترامب، لأن هذا الخيار يستلزم غزوا واحتلالا مثلما حدث فى العراق إبان إسقاط نظام صدام حسين، والأدق أن يقال إضعافه، والأهم هو تكسير قدراته النووية، وإعادتها سنوات إلى الوراء، وهذا كل ما خططت له الضربة، ومن هذه الزاوية تعتبر ناجحة، للضغط عليه لاستئناف المفاوضات وهو فى أضعف حالاته، أى هناك علاقة وثيقة بين تلك الضربة العسكرية والمسار الدبلوماسي، وقد عبر عن ذلك بوضوح نائب الرئيس الأمريكى جى دى فانس فى مقابلة له مع قناة «إن بى سي» بقوله «إن بلاده تريد السلام مع إيران شرط عدم امتلاكها للسلاح النووي، وتخليها التام عن برنامجها فى هذا الصدد، وإنها كانت تماطل فى المفاوضات ولم تأخذها بجدية طوال الفترة الماضية»، بعبارة أخري، كان المطلوب هو إعادتها لطاولة المفاوضات بالشروط الأمريكية، وبالفعل تم تفويض المبعوث للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للتباحث حول التفاهمات الجديدة، وبالتالى فترامب سيطلب السقف الأعلى لاخضاعها لشروطه الصارمة.

إيران من جانبها قد ترفض الانصياع للمتغيرات الحاصلة على الأرض، يدلل على ذلك تصريحات مرشدها الأعلى على خامنئى الذى أعلن انتصاره على كل من أمريكا وإسرائيل، إذ صرح نصا بأن «الأخيرة انهارت نتيجة الضربات الصاروخية الإيرانية، وأن الولايات المتحدة دخلت الحرب فقط لأنها شعرت بأنها، أى إسرائيل، ستتدمر إذا لم تفعل ذلك، وأنه وجه صفعة قاسية للأمريكيين» ، فى الوقت نفسه صوت برلمانها لصالح تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنعها من التفتيش على مواقعها النووية، بحجة أنها «مسيسة» ولكن هذا القرار قد يعكس أيضا رغبتها فى التعتيم عما ألحقته الضربة الأمريكية من أضرار بمنشآتها النووية، ومن ثم فقذ تؤخذ هذه التصريحات والإجراءات المصاحبة لها فى إطار الجانب الدعائى الذى اعتاد عليه النظام، لأن عقيدته الأيديولوجية لم تتغير. فى هذا السياق زاد البيت الأبيض من لهجته التصعيدية ضد المرشد، ووصفته المتحدثة باسمه، بأنه يعبر عن نظام شمولى يسعى لحفظ ماء الوجه، ووصفه ترامب بـ«الكاذب»، وأنه منع إسرائيل من محاولة اغتياله لاعطائه فرصة لتصحيح أخطائه.

مع هذا التراشق اللفظي، فالمتوقع أن تعاند طهران فى تفكيك برنامجها النووى بشكل كامل، خاصة بعد تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة رافائيل جروسنى وتأكيده أنه مازال لديها القدرة على استئناف برنامجها النووي، وستسعى فى المقابل للحفاظ على الحد الأدنى من تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، بنسبة تقل عن 4% كما جاء فى اتفاق 2015، أو خارج حدودها فى منطقة حرة بضمانات دولية تشرف عليها الولايات المتحدة ليكون برنامجا مدنيا سلميا،وهو السيناريو الأقرب للتفاوض حوله فى الوقت الراهن، لأنه الحد الأقصى الذى يمكن القبول به أمريكيا.

فى كل الأحوال فإن ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين يُعد تطورا خطيرا، باعتباره أول حرب مباشرة بين الأطراف الثلاثة،الأمريكيين والإسرائيليين والإيرانيين، ومن ثم فالتوصل للهدنة يعتبر الجزء الأسهل، لكن الأصعب هو تسوية أزمة الملف النووى الإيراني.

بالنسبة لإسرائيل، فإن الحرب لم تنته، وفقا لما صرح به رئيس أركان جيشها، الذى أكد «أن قائمة الأهداف مازالت طويلة» ولهذا لم يتوقف القتال ضد حماس وحزب الله، وكلاء إيران الأساسيين، فهل هذه هى خاتمة الحرب أم مجرد هدنة يشتعل الصراع مجددا بعدها؟

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية