تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
سيناريوهات ما بعد الحرب
ستظل عملية 7 أكتوبر التى قامت بها حركة حماس والتداعيات التى أعقبتها من حرب إسرائيلية شرسة على غزة، تمثل نقطة تحول مفصلية وربما حاسمة على مستوى الصراع الفلسطينى الاسرائيلى، كونها ستغير الكثير من القواعد التى استقر عليها هذا الصراع على مدى العشرين سنة الماضية، فقبلها كانت هناك اشتباكات بين الطرفين حتى بعد انسحاب إسرائيل منه فى 2005، ولكنها بقيت محدودة وبوتيرة بطيئة ومتقطعة، سرعان ما يتم احتواؤها والسيطرة عليها دون أن تغير من موازين القوة بينهما، أو تُخرج القضية الفلسطينية من حالة الجمود التى دخلت فيها لعقود، ليستمر النزاع قائما والحلول مؤجلة.
هذا الوضع أغرى قوى اليمين الإسرائيلى والتى يقودها رئيس الوزراء الحالى نيتانياهو، على التمادى فى إفشال حل الدولتين وربما وأد الفكرة من أساسها، والتوسع فى السياسة الاستيطانية، وكانت الذريعة هى عدم وجود شريك فلسطينى يمكن الاعتماد عليه لتنفيذ حل الدولتين بحكم الانقسام الفلسطينى الحاد بين السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا ويتزعمها محمود عباس فى الضفة الغربية، والملتزمة بمبدأ التسوية السلمية، وسلطة حماس فى غزة التى هيمنت عليها منذ 2007, والرافضة أصلا للمفاوضات وحل الدولتين بسبب مرجعيتها الأيديولوجية التى تعتبر صراعها مع الدولة العبرية هو صراع وجود وليس نزاعا على الحدود أو حجم المساحة الجغرافية للدولة الفلسطينية المستقبلية، كما ينص ميثاقها الصادر فى 1988، وحتى بعد إصدارها لوثيقة «المبادئ والسياسات العامة 2017 والتى وصفت بأنها تراجع عن بعض مواد الميثاق، لم تتضمن موافقة صريحة على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967التى تمثل أساس حل الدولتين، وبالتالى ليست هناك وحدة فى القرار السياسى للفلسطينيين.
فى هذا السياق تم الابقاء على الأوضاع كما هى، فالحرب ماضية بنفس الضراوة التى بدأت بها، وهدفها من الجانب الاسرائيلى، وفق ما أعلن على لسان قادتها مرارا، هو القضاء على حماس وتدمير بنيتها التحتية، والسيطرة على غزة، ولذلك فإن هدنة الأيام السبعة والهدن المحتملة التى قد تعقبها, ستكون مؤقتة ولن تعنى انهاء القتال أو الدخول فى مفاوضات سياسية أشمل, وبحسب ما نشرته الفاينانشيال تايمز, نقلا عن مسئول عسكرى إسرائيلى, فإن بلاده تعتبر أن العمليات القتالية فى شمال القطاع مازالت غير مكتملة, وأن الهجوم البرى على جنوبه سيتم بالتوازى مع عمليات الشمال, وهو ما يحدث بالفعل, ما يجعل المدى الزمنى لتلك الحرب مفتوحا.
وعلى الرغم من ذلك, فإن الحديث عن سيناريوهات اليوم التالى, خاصة على المستوى الدولى والولايات المتحدة تحديدا مازال يتواتر, والأرجح أن الزيارات المتتالية لكل من رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السى أى إيه) وليام بيرنز, ووزير الخارجية أنتونى بلينكن إلى المنطقة وبالأخص إلى كل من تل أبيب ورام الله, لها علاقة مباشرة بالجدل حول مستقبل القطاع بعد وقف اطلاق النار, ولكن لا يُعرف بدقة ما يدور فى الكواليس أو الأطروحات التى تمت مناقشتها, ولكن استنادا إلى بعض التصورات التى تناولتها صحف عالمية ودوائر سياسية غربية, فيمكن استنباط:
سيناريو أول، أن تعيد اسرائيل احتلال غزة بشكل كامل لتعيد الوضع إلى ما كان عليه حتى عام 2005 وبذلك استمرار فصله عن الضفة, ولكن المعضلة هنا أن مثل هذا القرار سيطلق مقاومة مسلحة جديدة, وسيترتب عليه التزامات من جانب قوة الاحتلال تجاه السكان تختص بالأحوال المعيشية وإعادة الإعمار, كما سيخلق لها تعقيدات مع الدول العربية التى أبرمت معها اتفاقيات سلام.
سيناريو ثان، وهو عودة جزئية إلى الحالة السابقة على الحرب, مع احتلال الشريط الحدودى وتوسيع المناطق المحظورة داخل القطاع واستمرار الحصار الذى فرضته عليه, لكنه يتعارض مع اصرار إسرائيل على تنحية حماس كليا من المشهد.
سيناريو ثالث، أن يتم توحيد غزة مع الضفة الغربية كما كان الوضع قبل انتزاع حماس للحكم فيه, وهو سينايو مطروح بقوة من الجانبين الأمريكى والأوروبى, ولكنه يصطدم بما يثار حول ضعف السلطة وعدم قدرتها على السيطرة على القطاع وافتقادها لقاعدة شعبية هناك, فضلا عن التكلس السياسى واستشراء الفساد وتدهور حال مؤسساتها التى تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية, حيث لم تجر أى انتخابات فى الضفة منذ 18 عاما, وربما هذا ما دعا أبو مازن للتصريح بالتزامه إجراء اصلاحات سياسية شاملة, وفى هذا الاطار يدور حديث داخل الأروقة حول إيجاد قيادة بديلة أكثر حيوية وتحظى بالقبول فى غزة, وطُرحت بعض الأسماء وفى مقدمتها محمد دحلان وإن عادت جميع الأطراف لنفيه.
سيناريو رابع، أن يتم اخراج قادة حماس وعناصرها المسلحة التى تُقدر بالآلاف من القطاع, من خلال وساطات اقليمية ودولية, ونزع سلاحها, كشرط لوقف الحرب, ولا شك فى أن سيناريو كهذا ليس من السهل تطبيقه, مادامت الحركة قادرة على القتال حتى ولو أن امكاناتها لا تُقارن بآلآلة العسكرية الإسرائيلية الضخمة.
سيناريو خامس, أن يتم تفريع غزة من سكانها, عبر عملية تهجير واسعة تبدأ من شماله إلى جنوبه وقد تم فعليا نزوح مليون شخص من الشمال إلى الجنوب أى نصف عدد السكان, ثم منه فى مرحلة لاحقة إلى الخارج, كحل حتمى للفرار من القصف المكثف على الأهداف المدنية, ويتم توزيعهم كلاجئين على بعض الدول, والواقع أن هذا ما تفعله إسرائيل الآن, ويتفق مع ما أوردته الفاينانشيال تايمز والقصد من تزامن العمليات القتالية فى شطرى القطاع.
هذه السيناريوهات قد يتداخل بعضها مع بعض, ولكنها تراهن على غياب حماس, وكل شىء متوقف على ما ستسفر عنه الحرب من نتائج على الأرض.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية