تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. نبيل أحمد حلمى > جريمة التهجير القسرى فى القانون الدولى

جريمة التهجير القسرى فى القانون الدولى

ان محاولات اسرائيل فى ممارسة التهجير القسرى لسكان مدينة غزه وتدمير منشآتها يمثل جريمة وانتهاكا للقانون الدولى الإنسانى. ولاشك أن مصر تقوم بدور حضارى متميز فى النزاع المسلح الدائر بين إسرائيل وبين حماس بغزة وكذلك فى العمليات غير الانسانية للمدنيين المقيمين فى مدينة غزة والعمل على تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى.

وقد فوجئت إسرائيل بالتحرك العسكرى الفلسطينى المنظم لقوات كتائب القسام يوم 7 أكتوبر 2023 دون أن تشعر أو ترصد القوات الإسرائيلية هذا التحرك الذى هدم كل توقعات الحماية للقواعد العسكرية الاسرائيلية المنظمة وامتلاك الأسلحة والمعدات الحديثة المتنوعة.

 

ويمكن ان نتحدث كثيرا عن الدور المصرى وتسلسله للوصول إلى استقرار العلاقات بين الدول فى هذه المنطقة وكذلك للوصول إلى حلول للقضية الفلسطينية التى استغرقت أكثر من سبعين عاما بين المحتل الإسرائيلى وفلسطين تحت الاحتلال، وما تقوم به إسرائيل مخالف لقواعد القانون الدولى الإنسانى، بينما يكافح الفلسطينيون لاسترداد حقهم.

ما يثير الآن فى المرحلة الأخيرة هو محاولة إسرائيل إفناء مدينة غزة سواء فى هدم المبانى أو فى قتل المدنيين من السكان العزل من السلاح، كما حدث فى مجزرة مستشفى المعمدانى، وأدوات الدفاع عن النفس ضد الهجمات الإسرائيلية المتعددة على مر التاريخ ولا تستند إلى أى حقوق من الحقوق بل إنها تقوم بوضوح بمخالفة كافة الحقوق الأساسية من حقوق الإنسان.

ونجد ان التحركات الأخيرة للقوات الإسرائيلية هدفها إخلاء غزة من سكانها وليس بالتفاوض أو بالطرق السلمية، ولكن مع مخالفة كل قواعد القوانين الدولية، فقد طلبت منهم مغادرة المدينة وتهجيرهم ومن لم يستجب فإنه يقتل .... هل هذا معقول؟
هذه المطالب تنتهك الحقوق بممارسة الجريمة البشعة وهى جريمة التهجير القسرى أو ما يسمى بالإبعاد أو النقل القسرى وهذا بوضوح شديد هو حلقة من حلقات مخالفة إسرائيل لقواعد القانون الدولى ومدعمة من الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الأوروبية على كل المستويات.

إن التهجير القسرى يعد من الجرائم الدولية ضد الإنسانية وجريمة حرب وجريمة إبادة وباختصار فإنها مخالفة لميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 واتفاقيات جنيف 1949 والبروتوكولين الإضافيين لقواعد القانون الدولى الانسانى لعام 1977 ويعد من أسوأ الجرائم ضد الإنسانية لأن معناها خلع الإنسان من جذوره وذكرياته التى يعيشها ولذلك فإن اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 قد افردت حماية خاصة وهى حماية المدنيين تحت الاحتلال.

ونرى ان من الاتفاقيات الدولية الأساسية التى اهتمت بتناول جريمة التهجير القسري, الاتفاقية الخاصة باللاجئين وعرفت المادة الأولى من الاتفاقية الخاصة باللاجئين عام 1951 اللاجئ بأنه «شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة بسبب خوف له ما يبرره، من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر أو الدين او القومية أو الانتساب الى طائفة اجتماعية معينة او الى رأى سياسى ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد أو العودة اليه خشية التعرض للاضطهاد.

ونجد أن هذا التعريف يعتبر اللجوء صورة من صور التهجير القسرى ويترتب عليها أن يتم مغادرة حدود الدوله ولذلك من الضرورى على المجتمع الدولى التصدى لجريمة التهجير القسرى التى تقوم به إسرائيل من خلال المحكمة الجنائية الدولية او غيرها. ولا بد أن نؤكد أن موضوع حماية حقوق الإنسان من تعسف بعض أنظمة الحكم أصبح المعيار الأساسى لكشف مدى صدق الالتزام بالقوانين والاعلانات الدولية والاخلاقيات الدولية.

تشتهر إسرائيل بأنها من أكثر الدول التى مارست تهجير معظم الفلسطينيين فى المناطق التى سيطرت عليها منذ عام 1948 وقد طالب المجتمع الدولى فى عدة مناسبات بضرورة عودة الفلسطينيين ومن أهمها ما أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال قرارها (قرار العودة) رقم 194 لعام 1948.

وقد انضمت فلسطين أخيرا لميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية وأودعت اعلانا حسب المادة 12 (3) من الميثاق بما يفيد إعطاء محكمة الجنايات الدولية ولاية قضائية على أراضى الدولة الفلسطينية منذ عام 2014، ومن ثم أصبح للمحكمة ولاية قضائية على الضفة الغربية (بما فى ذلك القدس الشرقية) وقطاع غزة وهى الأراضى التى تطالب منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بها كإقليم للدولة الفلسطينية.

ومن هذا العرض لابد أن نقدر الموقف المصرى الذى لا يطالب ولا يصمم على تطبيق القواعد القانونية فقط، بل أيضا القواعد الإنسانية والعدالة الدولية والأخلاقيات فى العلاقات الدولية، ولذلك فإن مطالب مصر بتطبيق القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى والاخلاقيات والعدالة هى تعبير عن الأخلاقيات المصرية وحضارتها وتصميمها على تطبيق القواعد الأساسية لحقوق الانسان.

ان مطالبة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى بحل قانونى عادل فى هذه الأزمة وذلك فى مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية يدل على قوة مصر وتصميمها على فرض المساعدات الإنسانية واحترام حقوق الانسان لكل الأطراف بالتساوى فيما بينهم.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية