تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

أبعاد عملية «طوفان الأقصى»

يعد التحرك الذى حدث فى غزة فجأة من خلال إطلاق آلاف الصواريخ وعمليات تسلل وأسر الإسرائيليين تحولا قانونيا دوليا وممارسة لحقوق الإنسان فى اثناء زمن النزاعات المسلحة الدولية، حيث إنه يتمثل فى الحق القانونى لمواجهة للاستعدادات العسكرية الإسرائيلية والاحتلال الصهيونى منذ اكثر من خمسين سنة على الأقل بعد هزيمة إسرائيل أمام القوات العسكرية المصرية فى حرب 1973. وقد اعتقد الإسرائيليون أنهم من أقوى جيوش العالم خاصة فى منطقة الشرق الأوسط وهذا ما جعلهم يعتقدون فى إمكانية التطبيع مع بعض الدول العربية، بالرغم من أن إسرائيل مازالت تخالف قواعد القانون الدولى وتحتل دولة فلسطين وتنتهك كل القواعد الأساسية التى تنظم العلاقات الدولية فى زمن النزاعات المسلحة وهى تخالف معظم قواعد القانون الدولى الإنسانى فى زمن النزاعات المسلحة.

 

وقد بدأت عملية «طوفان الأقصى» بمفاجأة مذهلة قامت بها فصائل المقاومة خاصة كتائب القسام التى تتمركز فى محيط غزة وما حولها، واستخدمت كل وسائل التواصل الجوى والبرى والبحرى لدعم خطتها لتدمر خطوط الاحتلال الاسرائيلى خاصة المستوطنات المحيطة بها واستطاعت أن تأسر وتقتل قوات الاحتلال التى كانت تعتبر نفسها من أقوى دول العالم وأنها من الدول الديمقراطية وأنها محاطة بالجدار العازل الذى أقامه شارون وثبت الآن فشله وسهولة اختراقه وتدميره ليس فقط من تحت الأرض بل أيضا من فوق الأرض.

اننى أعتقد أن إسرائيل قد واجهت فكرة أنها من أقوى الدول فى العالم المتحضر، وبين استمرار الاحتلال ومخالفة قواعد القانون الدولى التى اتفق عليها معظم دول العالم وظهر ذلك فى الغطرسة الإسرائيلية والتفرقة العنصرية بينهم وبين الفلسطينيين، وقد شاهدنا فى بعض اجتماعات الكنيست الإسرائيلى أن بعض النواب العرب قد منعوا من التحدث باللغة العربية وأن يتحدثوا باللغة العبرية وهذا معناه فى رأيى أن اللغة العربية ترعب النواب الإسرائيليين ولا يتحملون حتى مجرد مواجهة اللغة العربية. وفى رأيى أيضا أن مؤشرات تخلخل نظام الدولة فى إسرائيل هى المعاناة التى مر بها نيتانياهو فى محاولة اختياره كرئيس وزراء وهنا نجد أنه كان يحاول التودد الى معظم السياسيين الاسرائيليين لكى يوافقوا على اختياره، وهذا يدل على ضعف نيتانياهو فى الفترة الأخيرة وعدم توافر القبول المناسب ليتولى منصبه بسهولة كما كان يحدث فى الماضى وهذه نقاط سياسية واضحة لما حدث من تدهور فى تماسك الإدارة الإسرائيلية فى الفترة الأخيرة.

وقد لاحظت فى الفترة الأخيرة أن رد فعل الفلسطينيين على الانتهاكات الإسرائيلية أصبح أقوى وأعنف مما كانت من قبل وأتذكر ما حدث فى مخيم جنين من جراءة الشعب الفلسطينى ورد فعله فى إيقاف انتهاكات المستوطنات الإسرائيلية. ولابد أن أذكر تأكيدا لذلك قيام حركة قوية تتزايد فى المجتمع الإسرائيلى وهى حركة «نغادر البلاد معا»، وهى اتجاه قوى للإسرائيليين لمغادرة إسرائيل والعودة الى بلادهم الأصلية أو اللجوء الى الولايات المتحدة الأمريكية للعيش هناك والخروج من تدهور الحال فى إسرائيل.

أصبحت القوة الفلسطينية هى الأقوى سواء من حيث تزايد عدد الأسرى الاسرائيليين أو سقوط عدد كبير منهم قتلى وجرحى وصعوبة ممارستهم للتصدى للمقاومة الفلسطينية. ومنذ بداية التراشق أعلنت المقاومة الفلسطينية أنها استهدفت مواقع العدو ومطاراته وغيرها وتجاوزت فى استخداماتها أكثر من خمسة آلاف صاروخ وكان الهدف الواضح والمعلن أن هذه الانتفاضة الفلسطينية قد جاءت ايضا لحماية المسجد الأقصى، وأن الهدف هو أن الشعب الفلسطينى سيستمر فى مقاومته للاحتلال وسيعود الى مشروع إقامة الدولة الفلسطينية، وأن ذلك سيتحقق من خلال التضامن الفلسطينى سواء فى الصفة أو فى جانب غيره، والهدف الأساسى هو اقتحام عدد من المواقع العسكرية الإسرائيلية وكذلك المستوطنات الإسرائيلية والتوغل الى العمق خاصة فى مدينة سديروت، ومع ذلك لم يكتف بذلك رجال المقاومة الفلسطينية بل تعمقوا داخل بلدات أخرى وقد يحاول الجيش الإسرائيلى الرد على المقاومة من خلال الاجتياح البرى للقطاع. ومن خلال هذه الأحداث فإننى اعتقد أن هذا مرتبط بالتخبط الغربى فى هذا العالم ويظهر ذلك من ترنح الولايات المتحدة والأمريكيين وهم السند الأساسى لإسرائيل وما يتبعها مثل المملكة المتحدة وجزء كبير من أوروبا وفرنسا وغيرها وكذلك تصدع بعض الدول فى المنطقة خاصة السودان واليمن وليبيا ولبنان وسوريا والعراق ومن هنا يظهر الدور القوى والمطلوب لمصر فى التدخل لإحلال السلام وكذلك محاولة تسوية المنازعات فى المنطقة بالطرق السلمية تحت مظلة قواعد القانون الدولى. ولا ننسى هنا الدور الذى تقوم به ايران سواء كان بوضوح مباشر او كان ذلك بطرق غير مباشرة ويتمثل فى محاولة إضعاف الولايات المتحدة الأمريكية وفتح جبهات عسكرية واقتصادية وغيرها ضدها. ان التغيرات فى النظام الدولى تتحرك ليس فقط فى محيط أوكرانيا وروسيا والصين ومن حولها فى جنوب شرق آسيا بل إنها تتحرك فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وغيرها لمحاولة تحقيق العدالة الدولية وتطبيق قواعد القانون الدولى لأنه الضمان الأساسى فى تحقيق السلم والأمن الدوليين، وتبقى مصر فى سياستها المتوازنة والتى يتم اللجوء اليها عندما تتزايد النزاعات المسلحة سواء الدولية أو غير الدولية وذلك احتراما وثقة فى مصر وعلاقاتها المتوازنة مع معظم الدول والتكتلات والمنظمات الدولية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية