تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. نادر نور الدين > قوانين الإصلاح الزراعى وتفتيت الملكية

قوانين الإصلاح الزراعى وتفتيت الملكية

تعانى الأراضى الزراعية القديمة فى الوادى والدلتا صغر الحيازات الزراعية فيما يعرف عالميا «بالمزارع الأسرية» أى التى يعمل فيها أفراد الأسرة ويكفى إنتاجها بالكاد إطعام أفراد الأسرة. ولكن الأمر فى مصر أصعب من التقسيم العالمى للمزارع الأسرية والتى تحددها الفاو 3 هكتار أى 7.5 فدان، فى حين تشير تقديرات وزارة الزراعة فى عام 2010 وهى أخر حصر تم للملكية الزراعية بأن من يمتلكون مساحة فدان واحد أو أقل تبلغ فى الصعيد 47.2% مقابل 30.7% فى بحرى، ونسب حيازات أقل من 3 أفدنة 82% فى الصعيد مقابل 65.6% فى وجه بحرى، وأن المتوسط العام لمن يمتلكون أقل من 5 أفدنة فى الأراضى القديمة تبلغ 90.3% (أعلنت الصين فى منظمة الفاويونيه 2025 أنها انتهت من الحصر والتصنيف الكامل الثالث لكامل أراضيها الزراعية إنتاجية وخصوبة ومشاكل وملكية، ونحتاج ذلك بشدة لرسم سياسات زراعية مستقبلية صحيحة بعد تغير المناخ والتملح).

 

ولا ينحصر التفتيت الزراعى فى امتلاك أو إيجار قطع صغيرة بل وأيضا مساحات متباعدة، بالإضافة إلى تفتيت المُفتت بزراعة هذه المساحة الصغيرة بأكثر من محصول خوفا من تراجع أسعار إحداها فتدعمها الزراعة الثانية.

ومن عيوب التفتيت الزراعى الهدر فى المساحة المنزرعة بالترع والبتون والطرق، صعوبة استخدام الزراعة والحصاد الآلى وميكنة الخدمة، صعوبة تسويق محصول هذه المساحات حيث يفضل التجار شراء محصول المساحات الكبيرة بدءا من 3 أفدنة، وبالتالى قد يلجأ البعض بزراعة الخضراوات والخضرة مثل الشبت والبقدونس والفجل والجرجير والمشبع بها السوق فعليا، ثم البرسيم للمواشى إن وجدت. هناك أيضا ارتفاع تكاليف الإنتاج وهدر مياه الرى والبعد عن إنتاج الحاصلات الإستراتيجية من قمح وفول وذرة وزيوت طعام وعدس وسكر.

مقابل فوائد قليلة مثل زيادة نسبة العمالة العائلية، تلافى آثار المخاطرة، وجود حافز لزيادة الإنتاجية بأن تستفيد الأسرة نفسها من تحسن الإنتاج.

وفى دراسة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ذكرت أن أهم أسباب التفتيت الزراعى هى برامج الإصلاح الزراعى بعد ثورة عام 1952، وشرائع التوريث، وزراعة أكثر من محصول واحد نقدى ومنزلى ومخاطرة، وقانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر عام 1992.

ونود إيضاح تأثير قوانين الإصلاح الزراعى فى سبتمبر 1952 على تفتيت الملكية الزراعية، صدر قانون الإصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 1952 بتحديد الملكية الزراعية 200 فدان للأسرة ومائة هبة للأبناء وبيع باقى المساحة.

كل ما تم مصادرته فى هذه المرحلة 372 ألف فدان. قام الملاك بالتحايل على القانون وبيع باقى أراضيهم صوريا للأقارب والأتباع والخدم – فتم إلغاء بيع الملكيات الزائدة فى أكتوبر 1953 بما سمح بمصادرة 215 ألف فدان أخرى.تم توزيع هذه المساحة على المعدمين بمعدل 2 – 5 أفدنة بأسعار تسدد على 30 سنة. وبذلك يكون ما تم مصادرته بقوانين الإصلاح الزراعى وتوزيعه على صغار الفلاحين لا يتجاوز نصف مليون فدان تمثل نحو 8.4% من إجمالى المساحة الزراعية لمصر فى الخمسينيات والستينيات وبالتالى تكون قوانين الإصلاح الزراعى بريئة من تسببها فى تفتيت الملكية الزراعية لأن 91.6% لم يتغير بها نمط الملكية. وأدت كل قوانين الإصلاح الزراعى إلى خفض نسبة المعدمين فى الريف من 44% إلى 40% فقط، أى لم يكن لها تأثير ملموس لا على تفتيت الملكية ولا على خفض نسبة الفقر.

وقامت وزارتا الزراعة والحكم المحلى ومعاهد التخطيط والدراسات العلمية بدراسات عديدة للتغلب على تفتيت الملكية الزراعية تمثلت فى:
أولا التجميع التطوعى للمزارعين عن طريق التعاونيات الزراعية والتوافق فيها على زراعات تلبى احتياجات الدولة والأسواق المحلية والتصديرية، ولكن انقسام التعاونيات مابين الحكومية والأهلية وبعض التعقيدات حال دون إنجاز الأمر.

ثانيا: إنشاء شركات للإنتاج والتصنيع الزراعى لتتعاقد مع المزارعين لزراعة مساحات كبيرة متجاورة بنفس المحصول بما يخلق نوعا من التجميع الفعلى.

ثالثا: فصل الملكية عن الإدارة وتحويل الأرض إلى أسهم ذات عائد ويتحول صاحب الأرض إلى عامل فى أرضه وهو أمر لم يلق قبولا من صغار الملاك.

ورابعا: إنشاء بنك الأراضى لتمويل المزارعين لشراء أراض مجاورة، أو أن يقوم البنك بشراء الأراضى المتجاورة ثم يعيد بيعها كقطع كبيرة.

وأخيرا فهناك حاجة لتعديل التشريعات الخاصة بتوريث ألأراضى الزراعية حيث يقدر من يمتلكون حاليا مساحات صغيرة تتراوح بين 1-3 أفدنة من 70 – 90% من إجمالى الملاك والتشريع الجديد يمنع المزيد من التفتيت ويمنع تسرب هذه المساحات الصغيرة وتحويلها إلى ملكيات عقارية حيث ينبغى توريث الأرض الزراعية كوحدة واحدة غير قابلة للتجزئة ولا للتقسيم على الورثة لكن يورث سعر الوحدة الزراعية( وليس الأرض الزراعية نفسها) بحيث يشتريها أحد الورثة أو تباع لمشتر آخر.

وهذا الأمر أيضا ينبغى تطبيقه على الزراعة فى ملكيات الأراضى الصحراوية المفتوحة حيث إن ما يحدث حاليا هو تجميع بالرى أى أن الأمر يعتمد على الزراعة بالبيفوت أى المساحة التى يغطيها البيفوت وتصل إلى 500 فدان فقط، بينما ينبغى التجميع بالمحصول وتطبيق زراعات الإقطاعيات الزراعية المطبقة فى أمريكا ودول غرب أفريقيا بزراعة مساحات لا تقل عن ألف فدان وقد تصل إلى عشرة آلاف فدان للمحصول الواحد سواء لزراعات القمح أو الذرة والقطن أو بنجر السكر أو فول الصويا أو الفول والعدس، وهذا يكون التجميع الزراعى الصحيح ويطبق فيها الزراعة الذكية والرقمية وصولا إلى تطبيقات الذكاء الصناعى فى الزراعة والتربة والتى من الصعب تطبيقها فى الأراضى القديمة صغيرة الحيازة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية