تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
المستقبل للزراعة الرقمية والإقطاعيات
تتسم أكثر الزراعات فى المنطقة العربية والإفريقية بالمساحات الصغيرة والزراعات العائلية أى المساحات الزراعية التى تكفى لإطعام الأسرة فقط ودون زيادة. هذه النوعية من الزراعات تكون قليلة الإنتاجية وغير مربحة وتوطن للفقر الدائم وتتسبب فى تدهور وإنهاك الترب الزراعية حيث عادة ماتكون إضافة الأسمدة المعوضة لخصوبة التربة قليلة بسبب الفقر وقلة الدخل. فقد أشارت دراسة صادرة هذا العام للبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة إلى أن 84% من زراعات العالم تقع فى الدول النامية وهى زراعات الملكيات القزمية والأسرية وأن هذه المساحات لا تسهم فى الإنتاج الزراعى سوى بنسب تتراوح بين 30-34% فقط، بينما تمثل مساحة زراعات الإقطاعيات الزراعية 16% فقط ولكنها تنتج من 66-70% من إجمالى الإنتاج الزراعى العالمى.
ويعمل بالقطاع الزراعى بشكل مباشر نحو 2.5 مليار نسمة يمثلون نحو 30% من سكان العالم، ولكن يقل دخلهم عن 5 دولارات يوميا أى أقل من 100 جنيه مصرى بما يتسبب فى توطن الفقر فى الريف وعند العاملين فى القطاع الزراعى. وفى مصر أوضحت دراسات توزيع الملكية الزراعية فى مصر أن 50% من ملاك الوجه البحرى يمتلكون حيازات أقل من واحد فدان فقط وترتفع فى الوجه القبلى إلى 70%، بينما تبلغ نسبة الحيازات التى تبلغ ثلاثة أفدنة أو أقل نحو 70% فى أراضى الدلتا وترتفع لتكون 90% فى محافظات الصعيد. عادة ما تعتمد هذه الملكيات القزمية والصغيرة على الزراعة اليدوية وغير الحديثة ولا يزيد إنتاجها على 50-65% من المعدلات العالمية أو معدلات الإنتاج فى أراضى المساحات الكبيرة والتى تعتمد على الزراعة الحديثة أو الذكية.
ولتطوير الزراعة وزيادة إنتاجية الغذاء من الأراضى الزراعية كمصدر شبه وحيد لإنتاج الغذاء بنسبة 95% ولملاحقة الزيادة السكانية التى ستصل بسكان العالم إلى 10 مليارات نسمة، ينبغى وخلال الفترة من 2050 وحتى 2075 زيادة إنتاجية الأراضى الزراعية بنسبة 96%، ومن إجمالى زيادة فى المياه لا تزيد على 30% فقط، مع توفير أصناف جديدة من مختلف الحاصلات الزراعية والتى تنتج غذاء أكثر من مياه أقل وتتحمل الاحترار العالمى والعطش وزيادة نسبة الأملاح فى التربة وفى مياه الرى، وفى نفس الوقت ينبغى للدول مقاومة تدهور الترب الزراعية والحفاظ عليها واستصلاحها حيث أصبح نصف أراضى العالم يعانى التدهور بدرجة أو بأخرى بما تسبب فى تراجع إنتاجيتها وفى ارتفاع أسعار الغذاء.
هناك أيضا منع تطور تدهور التربة الزراعية إلى تصحر أى أن تصبح الأرض الزراعية غير منتجة للغذاء شأنها شأن الصحراء وتخرج من إنتاجيتها الزراعية إلى الأبد ولا يمكن استعادتها مرة أخرى، خاصة أن تغيرات المناخ سوف تتسبب فى تراجع إنتاجية الحاصلات الإستراتيجية من القمح والأرز والذرة ومحاصيل الزيوت بنسب تتراوح بين 10 و30%.
لكل هذه الأسباب بدأ العالم المتقدم فى الانتقال من الزراعة التقليدية القديمة اليدوية والبدائية إلى الزراعة الحديثة ثم إلى الزراعة الذكية ثم التحول إلى الزراعة الرقمية التى تجمع كل تقنيات ووسائل الزراعة الحديثة والذكية وأدواتها فى برنامج واسع لزيادة إنتاجية الأراضى الزراعية وخاصة فى الدول النامية والفقيرة والتى تتراجع فيها الإنتاجية بسبب المساحات الصغيرة والقزمية والتأخر عن الركب العالمى فى تطبيقات الزراعة الحديثة. وأولى أدوات الزراعة الرقمية هى التجميع الزراعى للمساحات القزمية فى مساحات كبيرة مجمعة، سواء بتطبيق الدورة الزراعية وتخصيص مساحات وقرى كاملة لزراعة محصول واحد بمساحات قد تصل إلى ألف فدان، ويتم فيها تطبيق كل وسائل الرى الحديث من الرى المحورى أو التنقيط السطحى والمدفون وتوفير كل مساحات المساقى والمراوى الداخلية والتى لن يكون هناك داع لوجودها بعد تطبيق طرق الرى الحديث بما سيزيد من مساحة الأراضى المزروعة بعد زراعتها كاملة بما فيها مساحة المراوى والمساقى. ولتفهم هذا الأمر، فعند بيع المُزارع لمحصول البرسيم للتاجر فإنه يتم حساب مساحة الفدان على أساس 20 إلى 22 قيراطا فقط على اعتبار أن هناك من 2 – 4 قراريط تشغلها المساقى والمراوى بما يوضح أن مساحة كل فدان سوف تزيد من 10 – 15% تحت تطبيق الزراعة الرقمية.هناك أيضا تطبيق مقترح بنك الأراضى الذى يشترى الأراضى المتجاورة ليجمعها من الراغبين فى بيع أراضيهم الصغيرة. وفى الزراعة الرقمية يتم تسخير سبل الزراعة الذكية سواء باستخدام الطائرات المسيرة الزراعية للرش والتسميد ولتحديد حالة النباتات ومعها المجسات الأرضية لتتبع نسب الرطوبة فى التربة وتحديد وقت الرى ووقت التوقف عن الرى، وكذلك قياس وتتبع حالة خصوبة التربة فى منطقة نمو الجذور، وبالتالى مدى ووقت حاجة التربة التسميد ونوعية هذا التسمية وكمية كل نوع من الأسمدة دون إسراف أو إهدار. يضاف إلى ذلك إنتاج أو استيراد التقاوى (بذور وحبوب) عالية الإنتاجية والمتحملة لكل الظروف غير المواتية للحصول إلى أعلى إنتاجية من المساحة المنزرعة.
تعتبر مصر من أقدم الدول الزراعية فى العالم، ومنها انتقلت الزراعة إلى مختلف دول العالم، ومع ظروف محدودية مواردها المائية واستيرادها نحو 65% من احتياجاتها من السلع الغذائية الإستراتيجية، فإن الزراعة الرقمية ينبغى تطبيقها على وجه السرعة سواء بتدريب الخبراء المصريين أو باستقدام خبراء أجانب يسهمون فى توطين هذه النوعية المتقدمة وينقلون خبراتهم إلى المصريين لتوديع زراعة الفأس والمنجل والشرشرة والبدء فى عصر الزراعة الرقمية ووفرة الإنتاج الزراعى.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية