تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. نادر نور الدين > الحاجة إلى مؤتمر دولى للزراعة

الحاجة إلى مؤتمر دولى للزراعة

تحدثت عدة مرات مع العالم المصرى د طارق قطب الذى اختطفه الموت مبكرا فى شهر يوليو الماضى فى عمله بإيطاليا وكان أحد علماء وزارة الرى قبل عمله فى منظمة الإيفاد (الصندوق الدولى للتنمية الزراعية) وتنقله بين العديد من دول العالم، تحدثنا عن أهمية تطوير الزراعة فى مصر وإحداث طفرة إنتاجية تأخذنا إلى مصاف الدول المتقدمة زراعيا. وكان يضرب مثلا بأن المنظمة طلبت تكرارا تحول مصر إلى الزراعة الذكية والزراعة الرقمية ولكنها لم تجد الكوادر المصرية التى تحقق ذلك وعرضت المنظمة تزويد مصر بهذه الكوادر العلمية وتدريب كوادر مصرية للمستقبل، فالزراعة لم تعد بالنيات الطيبة ولا باستخدام أجهزة الرى المحورى فقط ولكنها تقنيات علمية تشمل التقاوى والمبيدات والأسمدة وخواص التربة ومواعيد الرى والحصول على أعلى محصول من أقل كمية مياه ثم تقليل الفقد فى أثناء الحصاد والنقل، وكذلك التسويق والتصدير قبل أن نبدأ الزراعة أى دراسة السوق أولا ومتطلباتها وبالتالى زراعة الحاصلات التى لها أسواق محلية وتصديرية وليس الحاصلات التى تتشبع بها الأسواق، وأن نذهب إلى الترب والمناخ التى ننتج منها الحاصلات الاقتصادية العالية العائد وأن نبتعد عن المناطق التى تجبرنا على زراعة أصناف بعينها قد لا يكون لها أسواق تصديرية ولا محلية.

 

ففى الزراعة الحديثة السائدة فى الدول المتقدة يعمل بالقطاع الزراعى 4% فقط من السكان ومع ذلك فهم يحققون الاكتفاء الذاتى من الحاصلات الإستراتيجية مع فائض تصديرى كبير بينما يعمل فى الدول النامية 33-66% من السكان ومع ذلك لا يحققون الاكتفاء الذاتى لشعوبهم ويستوردون كميات كبيرة من السلع الغذائية. وفى الدول المتقدمة تستهلك الزراعة أقل من 50% من الموارد المائية بينما يصل الرقم فى الدول النامية إلى 94%، مع انخفاض كبير فى الإنتاجية وزيادة تكاليف الإنتاج عن مثيلاتها فى الزراعة الحديثة. الدول المتقدمة وفرت تقاويها وسلالتها العالية الإنتاجية التى تنتجها بنفسها وتصدرها للدول الأخرى وتطور إنتاجيتها تباعا، بينما تستنزف الدول النامية مواردها فى استيراد مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة ومبيدات مع تراجع فى مخصصات البحث العلمى المسئول عن تطوير الإنتاج الزراعى ومخصصاته رغم وجود العديد من مراكز الأبحاث العلمية وكليات الزراعة ولكنها مغلولة لضعف الإمكانات بسبب أولويات توفير الأمن الغذائى والدواء والتعليم فى الدول الفقيرة قبل البحث العلمى بما يكبدها الاعتماد على الخارج ويخلق تبعية غذائية وسياسية مستقبلية.

وأصبحت المؤتمرات العلمية يقينا عالميا كما يحدث فى المؤتمرات السنوية لتغير المناخ ومن قبلها قمم الأرض وقمم البيئة ومجابهة التصحر والتدهور للترب الزراعية والحفاظ على التنوع الإحيائى ومؤتمرات أمن الغذاء وأمن الطاقة وأمن المياه والمؤتمرات الاقتصادية ومؤتمرات تطوير التعليم. وقد سايرت وزارة الرى المصرية الأمر منذ أكثر من خمس سنوات بإقامتها أسبوع القاهرة الدولى للمياه فى مصر الذى أصبح ينافس بقوة مؤتمر المياه الدولى باستكهولم، ودعت إليه أشهر علماء المياه فى العالم ليعرضوا أحدث ماوصل إليه العلم فى أمور المياه وتقنياتها وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه المخلفات ورفع كفاءة الرى وتطوير طرق نقل المياه وارتباط المياه بالزراعة والتربة وإنتاج الغذاء وتغيرات المناخ والتلوث وغيرها.

وفى قطاع الزراعة أصبحت الحاجة ملحة إلى الدعوة إلى مثل هذه المؤتمرات العالمية بعد الاهتمام الكبير بقطاع الزراعة فى العقد الحالى والتوسع الزراعى الكبير الذى نشهده بما يتطلب مسايرة هذه الأمور بحديث العلم فى كل مايخص الإنتاج الزراعى من غذاء وكساء وأعلاف ولحوم وأسماك ومنتجات صيدلانية وعطرية وأخشاب وغيرها، ومعها أحدث طرق وأساليب الزراعة والحفظ والتصنيع وزيادة الإنتاجية والأصناف الجديدة المقاومة لارتفاع درجات الحرارة والجفاف والعطش وتحمل أملاح التربة والمياه خاصة فى المناطق المجاورة للبحار كما فى شمال الدلتا المصرية، وتقنيات الرى الحديثة واستخدامات الأسمدة السائلة التى حلت محل الأسمدة التقليدية، وتقنيات المبيدات والحاصلات المتحملة للظروف غير المواتية والموجات المتكررة من الحرارة والرياح والجفاف وحتى السيول المطرية ومعها الحديث فى الحفاظ على الترب الزراعية بحالة عالية الإنتاجية والحفاظ على المياه والتربة معا فنحن نروى التربة وليس النبات ثم يأخذ النبات احتياجاته من التربة، وبالمثل الزراعة ومقاومة الأمراض والحشرات والآفات الزراعية والاستفادة من الحشرات الاقتصادية مثل النحل ودودة القز والإرشاد الزراعى وأخيرا التسويق الزراعى وحفظ المنتجات.

هذا المؤتمر الزراعى يتطلب حسن توجيه الدعوات إلى أفضل علماء تطوير الزراعة فى العالم من مختلف التخصصات، ومعهم الشركات العالمية المنتجة للبذور والأسمدة والمبيدات والمنتجات الزراعية، وشركات تطوير طرق نقل المياه وطرق الرى والزراعة الرقمية والذكية واختيار ما يناسب مصر طبقا للمناخ والترب القديمة والجديدة، وتقنيات الزراعة وتغذية النبات والتسميد والحفاظ على الترب الزراعية والزراعة المستدامة.

هذا الأمر سيعود بالفائدة الكبيرة على مصر بالتعاون مع العلماء والشركات وأيضا تسويق وتصدير منتجاتنا، والاستفادة من حديث العلم فى الزراعة المصرية وتوقيع اتفاقيات للتعاون مع مختلف الجامعات ومراكز الأبحاث العلمية للتعاون وتدريب كوادرنا الشابة، والمشاركة فى المؤتمرات العلمية العالمية والعودة بما يفيد زراعتنا وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتطوير وزيادة دور البحث العلمى الزراعى وأن تكون له أولوية فى هذا العصر الزراعى غير المسبوق.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية