تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
افتتاح السد الإثيوبى.. حقائق ومغالطات
فى 9 سبتمبر الحالى أعلنت إثيوبيا إقامة احتفالية افتتاح سدها المؤذى والمستفز، دعت إليها جميع القادة الأفارقة ولكنها تلقت صدمة الإدانة الضمنية حيث لم يحضر الاحتفالية سوى رئيسين فقط من دول منابع النيل وغاب تسعة رؤساء فى موقف يعكس نجاح السياسات المصرية وتأييد موقفها. ومن الدول الإفريقية الخمس والخمسين لم يحضر أيضا سوى دولتين.
تقدمت مصر بمذكرة إلى مجلس الأمن تؤكد أن هذا السد لم يتم بالاتفاق مع شركاء النهر مصر والسودان وبالتالى سيكون من حق مصر اتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع هذا السد. ردت إثيوبيا على المجلس بخطاب عدوانى كعادتها حشته بكل اللامنطق واللاعلم. ادعى الرد الاثيوبى أن مصر تسيس موضوع المياه بينما هو أمر فنى بحت!! ولو كان كذلك لما أصدرت الأمم المتحدة قانون الأنهار العابرة للحدود، وأن تسييس الأمور هو ما صرح به آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى فى حوار قبل افتتاح السد بأسبوع قال فيه إنهم «يسيطرون الآن على النهر»، وما قاله وزير المياه قبله بأنهم «حولوا النهر إلى بحيرة وأصبح ملكا لهم!»، وما قالة قبلهم أستاذ التاريخ فى جامعة أديس آبابا إسحق جاكوب فى فصل بكتاب عن نهر النيل فى عصر مابعد الاستعمار والذى كُلفت بترجمته إلى العربية عام 2011، بأن «إثيوبيا تقيم السدود على النهر لأسباب سياسية وريادية لشرق إفريقيا وليس لأسباب فنية».
الخطاب الإثيوبى أستمر فى ادعاءاته بأن مصر تثير الاضرابات فى إثيوبيا وتهاجمها دائما!! بينما تشير الدلائل إلى عدوانية إثيوبيا الدائمة من قديم الأزل لكل جيرانها وضمها لإقليم اوجادين الصومالى من المستعمر الفرنسى حتى يسمحوا لقواته بعبور أراضيهم لملاقاة قوات الإنجليز ثم حربها الطويلة مع إريتريا وتدخلها عسكريا فى الصومال، والاستيلاء على منطقة القضارف السودانية ودخول مزارعيها كل عام فى حماية الجيش إلى الأراضى السودانية الحدودية لزراعة مليون فدان، وقبول أراضى إقليم شنقول السودانى من المستعمر الإنجليزى مقابل التعهد بعدم بناء السدود على روافد النيل ولكنهم كالعادة لا يوفون لا بوعود ولا اتفاقيات.
وشمل خطاب الإثيوبيين إلى مجلس الأمن دأب مصر على إثارة الإضرابات داخل إثيوبيا وهو ما يرددونه دوما فى مؤتمرات المياه الدولية بأن مصر تريدهم فقراء حتى تستولى على مياه النيل وأن مصر تقدمت ونحن لم نتقدم بسبب تركنا مياه النهر لهم، وأن مصر هبة إثيوبيا وليست هبة النيل الذى وهبه الخالق لخلقه وكأنهم أصحاب النهر أو أنهم يستمطرون السحاب وكأن مصر قد شقت النهر لكى يصل إليها. أما عن موضوع استحواذ مصر على مياه النهر ومن حدد حصتها منه بقدر 55٫5 مليار وأن اتفاقية 1959 لتوزيع كامل مياه النهر بعيد عن دول المنابع فمردود عليه. فقد نص قانون الأمم المتحدة للأنهار العابرة للحدود على التوزيع العادل والمنصف لمياه الأنهار والتى تريد إثيوبيا تحويلها إلى التوزيع المتساوى على خلاف مانص عليه القانون الأممي!! بمعنى إذا كانت بعض الدول تمتلك العديد من الأنهار والأمطار والمياه الجوفية فواجب عليها ترك بعضها لدول الجفاف والقحط والتى لا تمتلك موارد أخرى للمياه، فإثيوبيا تمتلك تسعة أحواض أنهار ولكل منها عشرات الروافد كما هى الحال فى النيل الأزرق الذى ينبع من بحيرة تانا بتدفقات 5 مليارات م3 فقط وعندما يصل إلى الحدود السودانية ترتفع إلى 49 مليارا بما يوضح حجم وعدد الروافد التى تصب فيه. تمتلك أيضا بحيرة تانا بسعة 33 مليار م3 وتستفيد من مياهها فى توليد الكهرباء والرى والشرب، وتمتلك أمطارا بحجم 936 مليار م3 سنويا طبقا لتقرير الفاو 2012، وتمتلك مياها جوفية متجددة يتجاوز حجمها 10 مليارات م3 وخزان نهر تاكيزى على نهر عطبرة بسعة 9 مليارات وموارد مائية كلية تبلغ 123 مليار م3 طبقا لنفس التقرير الأممي، ويبلغ إجمالى مياه الأمطار على دول منابع النيل 1977 مليار م3 سنويا يصل منها إلى مجرى النهر 84 مليار م3 فقط بنسبة 3.7%، ومع ذلك فهم يريدون استبعاد كل هذه الموارد المائية وينظرون فقط إلى القليل الذى يجرى بين ضفتى النهر رغم أن القانون الأممى نص على جميع موارد مياه النهر وليس مياه النهر فقط. أما اتفاقية 1959 فكانت مرتبطة بما توفره مياه السد من مياه تهدر فى البحر المتوسط كل عام بحجم 22 مليار م3 توزع بين البلدين ولم تضر بلدانا أخرى بسبب موسمية أنهار إثيوبيا خلال فصل الصيف فقط وجفافها شتاء، وبالتالى كان حتما على مصر تخزين مياه الصيف لاستخدامها شتاء ولم يسبب هذا أضرارا للغير.
أما من ناحية أن مصر تستولى على كل مياه النهر والتى فندناها بأن مصر والسودان يصل إليهما 3٫7% فقط من موارد النهر فلننظر إلى الموارد الزراعية المستنزفة للمياه فى إثيوبيا ومصر، حيث تقوم إثيوبيا بزراعة 35 مليون هكتار بينما تزرع مصر 3٫5 مليونا فقط أى أنهم يزرعون فعليا 10 أضعاف زراعات مصر، ويؤجرون أراضى لزراعة الوقود الحيوى تتجاوز كل أراضى مصر الزراعية بمساحة 10 ملايين فدان. وتبلغ الثروة الحيوانية فى إثيوبيا 100 مليون رأس طبقا لنفس التقرير تشارك فى الناتج الزراعى بنسبة 24%، مقارنة بمصر التى تمتلك 8٫6 مليون رأس فقط تجعلها أكبر دولة مستوردة للقمح حيث نزرع لها الأعلاف بالرى على مياهنا القليلة لتنافس زراعة القمح. إثيوبيا أيضا تتصدر دول العالم فى تصدير البن العضوى والعديد من المنتجات العضوية ومصر خارج هذا التصنيف لأنها تُزرع على الأمطار النقية هناك والمحرومون منها فى مصر والتى لا تريد إثيوبيا اعتبارها ضمن الموارد المائية على خلاف القانون الأممي. أيضا أن الفجوة الغذائية فى إثيوبيا لا تتجاوز 27% فقط بينما تبلغ فى مصر 65% وتكلفنا 17 مليار دولار سنويا، فمن إذن يستولى على موارد ومياه النهر؟!.
وأخيرا نشير إلى أنه لو خلصت نيات إثيوبيا لولدت الكهرباء من مصادر أخرى حيث لها العديد من البدائل من الرياح والشمس والنووى وجوف الأرض والبترولية بينما المياه ليس لها بدائل، بدلا من اللجوء إلى التوليد مائيا على حساب ضرر جيرانها ولكنها لا تسعى أبدا إلى حسن الجوار.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية