تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

كتاب الله المنظور

عَنْ أَبِى ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَالْحَرَامَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَا آيَةٍ

أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “آيَةُ الكرسي، ما السماوات السَّبعُ فِى الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ».

يستطيع المرء من خلال التفكر فى هذا الحديث أن ينظر فى ملكوت الله ويتفكر فى خلق السماوات والأرض ويدرك الحقيقة كلها، ويكون فى قلبه نموذجا دقيقا للكون يتفق مع العلم المتقدم الحالى والقادم.

عندما أطلق تليسكوب هابل 24 أبريل 1990، أرسل ملايين الصور لتمثل ثورة كبرى فى فهمنا للكون منها رصد مجرة على بعد 13.4 بليون سنة، كما أثبتت تلك الصور أن الكون يتمدد بسرعة أكبر من المتوقع.استمرارا للتطور، تم إطلاق التليسكوب العملاق جيمس ويب بتاريخ 25 ديسمبر 2021، وكانت أول صور منه بتاريخ 11 يوليو 2022، تفوق فى جودتها مئة ضعف الصور التى كان يرسلها هابل. وبخلاف هابل الذى يدور حول الأرض، فإن ويب يدور حول الشمس، وبالتالى احتاج الأمر الى صاروخ لإطلاقه ليصل الى ذلك المدار على مسافة قدرها مليون ونصف مليون كيلو متر من الأرض تمكنه من رؤية الأشياء بطريقة أوضح بكثير من هابل. تليسكوب ويب مصمم أن يلتقط صورا فى مدى الأشعة تحت الحمراء، وهو الأمر الذى يعطيه القدرة على التغلغل فى الكون لمسافات أطول بكثير تبلغ 13.7 بليون سنة ضوئية، وهى أقل بقليل من عمر الكون الذى تم تقديره فى عام 2013, بواسطة وكالة الفضاء الأوربية والتى قدرته ليكون 13.8 بليون سنة. لم يحدث حتى الآن تغيير فى ذلك العمر نتيجة إطلاق تليسكوب ويب. ورغم امكانياته الجبارة وتحليل ملايين الصور منه ظل عمر الكون المقدر 13.8 بليون سنة، وقد يحدث تغيير فى ذلك العمر فى أى وقت من خلال البيانات المذهلة التى يرسلها التليسكوب.

فى ضوء ذلك نستطيع الآن صياغة نموذج الكون فى لحظتنا تلك، وسنجد أنه نموذج مختلف عن كل سابقيه. نعلم الآن أن الجزء المرئى من الكون الآن يحوى مجرات يقدرها العلماء بأنها قدر عدد الرمال التى فى الأرض كناية عن لا نهائية الكون وأننا لا نستطيع لمكوناته حصرا ولا عدا. يقدرها البعض بأكثر من تريليونى مجرة. واحدة من تلك المجرات هى طريق التبانة التى ننتمى إليها والتى تنفق الشمس قرابة 230 مليون سنة لتتمكن من الدوران حولها مرة واحدة ويستغرق الضوء مئة ألف عام ليقطع طولها، وتحوى 200 بليون نجم وأكثر من 3.2 تريليون كوكب مثل الأرض.

تتبقى كلمة ضرورية عن مادة الكون، والتى كتب عنها الدكتور شعبان خليل أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة زويل، كتابا بعنوان: « رحلة داخل أعماق المادة- عصر جديد فى فيزياء الجسيمات الأولية ومحاولة فهم نشأة الكون ليكون أول كتاب باللغة العربية عن فيزياء الجسيمات الأولية, وليضع مصر مثلما وضعها مشرفة من قبل فى موكب الرواد فى أبحاث الكون والمادة، أعطى فيه فهما عميقا لفهم المادة ونشأة الكون, وهو الكتاب الذى نشرته دار أندروميدا للنشر والخدمات الأكاديمية فى عام 2022, يصفه الدكتور شعبان خليل عالم الفيزياء المصرى بأنه رحلة داخل أعماق المادة للتعرف على الجسيمات الأولية التى تمثل وحدة بناء المادة فى الكون. يصف لنا الدكتور شعبان خليل العلاقة بين الدراسات الكونية المتناهية الكبر ودراسة الجسيمات المتناهية الصغر فيقول:» ظل الأمر حتى بداية 1960 والاعتقاد أنه توجد فقط تلك الجسيمات الثلاثة الأولية وهى الإلكترون، والبروتون، والنيترون، ثم حدثت الثورة الكبرى فى علوم الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات الأولية مما أدى الى اكتشاف أكثر من 200 جسيم حتى الآن، غير أن غالبية تلك الجسيمات ليست جسيمات أساسية». يختم الدكتور شعبان رحلته بفصل عن فيزياء الجسيمات ونشأة الكون وأن الكون، بدأ بانفجار هائل، وفى أول جزء على مليون من الثانية بعد هذا الانفجار كان الكون كله فى حجم ذرة واحدة متناهية الثقل، وكانت درجة حرارته عشرة آلاف تريليون درجة مئوية وأنه كان مليئا بالكواركات واللبتونات، ثم بدأ فى التمدد والبرودة مما سمح لجسيمات جديدة أن تتكون. يخلص المؤلف الى أن التقارب والتعاون بين علوم الكون وفيزياء الجسيمات سوف يمكن الفيزيائيين والفلكيين من مواصلة جهودهم لفهم الكون وتركيب المادة وأصل كل منهما.

إن الكون لا يقتصر على السماوات السبع والأرض كما يوضح الحديث الذى ذكرته فى المقدمة، ولكنه يشمل الملك الواسع وكما قال مشرفة فى مقال له بعنوان العلم والصوفية منشور بمجلة المقتطف بتاريخ أبريل 1931، يشرح فيها تقريب العلاقة بين العلم والفلسفة الصوفية على ضوء كتاب كنه العالم الطبيعي، للسير آرثر إدجنتون، والذى يقول فيه: «كلنا يعلم أن هناك إنحناءات فى النفس البشرية غير مقيدة بعالم الطبيعة فهى تطمح إلى العلا وتجد تحقيقا لشيء مودع فى طبيعتها. وتبرير هذا الطموح داخلى فينا فهو محاولة من جانب إدراكنا أو هو نور داخلى ناشئ عن قوة أعظم من قوتنا، والعلم يكاد لا يقدم على الشك فى تبرير هذا الطموح إذ أن الرغبة فى العلم هى نفسها ناشئة عن وازع داخلى لا نقوى على ردعه. هذا النور يجذبنا إليه ونحن نشعر بالرغبة فى السعى نحوه. يختم الدكتور مشرفة مقاله بأن العلم قد أدرك أن المعرفة البشرية متعددة النواحي، وأن طريقة المشاهدة والتحليل المنطقى ليست بالطريقة الوحيدة التى يمكن أن يسلكها المرء للوصول إلى المعرفة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية