تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
محاولات تطويق مصر .. من التهجير إلى الحصار
شاع فى أدبيات العلاقات الدولية مؤخرًا تعبير «الخط الأحمر» الذى يشير إلى التمسك بموقف معين إلى الحد الأقصي، وقد جرى استخدام ذلك التعبير من قبل الدبلوماسية المصرية فى بعض المناسبات، ولكن أخطرها على الإطلاق كان هو تعبير «الخط الأحمر» للدلالة على رفض مصر القاطع لأوهام التهجير القسرى التى تبنتها سياسات نيتانياهو واليمين المتطرف فى محاولة لتصدير القضية الفلسطينية برمتها إلى الحدود المصرية وتحميل القاهرة عبء التصرف مع مئات الألوف من الفلسطينيين الذين تعقبتهم إسرائيل بالإرهاب والإزاحة والحرب والطرد المنظم والتى اعتمدت فيه الدولة العبرية على صعوبة الحياة بل واستحالتها على النحو الذى هى عليه بعد مجازر غزة الدامية، ولقد توهم اليمين المتطرف لإسرائيل أنه إذ يدفع بأهل غزة نحو الحدود مع مصر ليعبروها طوعًا أو قسرًا فإن ذلك يعفى إسرائيل من عبء الخروج من المأزق بل ويساعدها على تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأرض العربية من الخريطة المصرية وهى بالمناسبة أقدم خرائط دول المنطقة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزت إسرائيل كل الحدود وبدأت تفكر فى إقامة مستوطنات جديدة على أرض فلسطين السليبة بعد طرد شعب من أرضه وانتزاع سيادته وتمزيق وحدته، ولقد تنبهت مصر مبكرًا إلى ما يحاك لها حتى تظل وسط حزامٍ من نار حارقة تأتيها من الشمال الشرقى والحدود الغربية وكافة الزوايا التى يتسرب منها سرطان تصرفات السياسة الإسرائيلية الاستعمارية العنصرية التى أصبحت واضحة جلية فى السنوات الأخيرة، بل إن اعتراف إسرائيل السريع بما يسمى دولة «صومال لاند» إنما هو نوع من التعبير المباشر عن الكيدية الإثيوبية الإسرائيلية التى بدأت بإجراءات منفردة فى سد النهضة ثم هاهى تمهد الطريق لإيجاد منفذ على البحر الأحمر تصبح فيه إثيوبيا متشاطئة مع إحدى دوله، وهذه فرضية خطيرة تحمل فى طياتها كل مظاهر العبث و استمرار الاحتلال والقضاء على كل أمل فى الحل العربى والدولى لذلك الصراع الذى طال لأكثر من قرن ونصف القرن وتضخمت أحلامه وكبرت أوهامه وتصور أن الإفلات المؤقت يمكن أن يؤدى إلى الإفلات الدائم، ولكن الأقدمين قالوا لنا إنه (لا يضيع حق وراءه مطالب).
لذلك سوف تبقى القضية الفلسطينية حية فى ضمير أمتها وغصة فى حلق البشرية شرقًا وغربًا، بل إننا نتصور أن تلك القضية قد اكتسبت فى الأعوام الأخيرة زخمًا لم تعرف مثله من قبل، وهاهى مصر تطبق بيدها على مفاصل القضية ولا تسمح بالتجاوز الذى يؤدى إلى تخريب المستقبل وضياع الحقوق تمامًا، ولقد كانت وقفة مصر ضد التهجير ليست مجرد حماية لأراضها أو صيانة لحدودها ولكنها كانت فى الوقت ذاته حائط صد أمام المخطط الخبيث الذى سعت إسرائيل من خلاله إلى تمرير جريمة التهجير والقفز على الواقع وتضليل الرأى العام خصوصًا أمام ذلك العبث المتكرر بإجراءات فتح وإغلاق معبر رفح لكى يتوهم الكثيرون أن مصر هى التى تغلق المعابر وتخنق الفلسطينيين على أرضهم بينما المجرم الحقيقى يعيث فى الأرض فسادًا وفى الحقوق الفلسطينية نهبًا. إذ إن مسعى إسرائيل بالدرجة الأولى هو تطويق مصر من الصومال جنوبًا إلى فلسطين شمالاً ومن البحر الأحمر شرقًا إلى ليبيا غربًا، فمصر هى الجائزة الكبرى التى تضعها إسرائيل فى بؤرة الاهتمام وتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى إضعافها وذلك بالتهديد بالتهجير تارة وبالحصار البحرى عند باب المندب تارة أخرى مع تحالف شيطانى يجمع بين إسرائيل وإثيوبيا التى تستخدم سد النهضة كورقة خبيثة بالتصرفات الأحادية وإنكار الحقوق التاريخية لدولة المصب الكبرى وهى مصر.
إننا نريد أن نقول صراحة إن مصر الصامدة القوية هى القادرة دومًا على اجتياز العقبات التى يضعها فى طريقها من لا يريدون بها خيرًا بل ويسعون إلى تراجعها وإضعافها فى محاولة لتشتيت جهود البناء للداخل المصرى وتعقيد المسيرة فى ظل وضع دولى متشابك ودور عربى غائب، حتى يدرك الجميع أن المعنى الحقيقى لمحاولات التهجير يرتبط أيضًا بالطرح الجديد لمعنى الحصار بدءًا من منطقة القرن الإفريقى وصولاً إلى شواطئ المتوسط، إنه قدر مصر ودورها التاريخى ومسئوليتها الكبرى لأنها دولة عصية على السقوط لا تركع إلا لله فى مساجدها وكنائسها، إنها الأيقونة الباقية من شباب التاريخ عبر العصور المتتالية والأحداث الكبرى والصمود الإيجابى والصبر الطويل.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية