تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. مصطفى الفقي > الحوار الوطنى.. الرسالة والتوقيت

الحوار الوطنى.. الرسالة والتوقيت

تلتقى الشعوب وتتحاور المجتمعات كلما اقتضت الضرورة ودعت الظروف المحيطة فى الفضاء الإقليمى والدولى والمحلى، ولعل دعوة الرئيس السيسى إلى الحوار الذى جرى التمهيد له على امتداد عام كامل من خلال نخبة من أبناء الوطن فى مختلف التخصصات والاتجاهات هو تعبير دقيق يتواكب مع الظروف التى تمر بها المنطقة والتحديات التى تواجه مصر فى مرحلة من أدق مراحل وجودها.

وإذا كان الحوار القادم وطنيًا خالصًا يختص بالشأن الداخلى، على اعتبار أن السياسة الخارجية أمر متفق عليه إلا أننى أزعم أنها من أكثر محاور العهد الحالى توازنًا وقدرة على استعياب المتغيرات الدولية والإقليمية والحفاظ على كرامة الوطن والنأى به عن التورط فى أمور جانبية قد تجر إلى طرق وعرة تعوق مسيرة التقدم الوطنى وتؤثر على المسيرة التى حققت – فى السنوات الأخيرة - إنجازات يصعب إنكارها، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم المعاصر والتحديات المتتالية التى تدفع بها أحداث المنطقة نحو مصر ذلك البلد العريق الذى تستهدفه مصاعب ومتاعب على حدوده شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا.

ولكن مصر ترقب بعين واعية ما يدور حولها وما يجرى تخطيطه ضدها، مؤمنة بأن الذى جعلها تنتصر على الإرهاب وتبدأ مسيرة إصلاح اقتصادى شاق وتقيم بنية أساسية غير مسبوقة فى تاريخها وتوفر الأمن لمواطنيها سوف يجعلها دائمًا تصل إلى بر الأمان.

إن الرسالة الحقيقية - التى أتوجه بها إلى الوطن الغالى الذى أنتمى إليه والشعب العظيم الذى أحمل شرف الانتساب له - تكمن فى درجة الوعى المخزون فى الذاكرة المصرية وتراكماته عبر القرون، إن الرسالة تقول باختصار نحن نريد من الحوار الوطنى الذى يبدأ أعماله الجادة على أرض الكنانة أن يكون حوارًا وطنيًا خالصًا تختفى منه الدوافع الحزبية أو المصالح الشخصية وتبرز فيه المظاهر الجديدة التى اكتسبتها مصر من تجاربها فى السنوات الأخيرة واضعين فى الاعتبار أن أزدهار الأمم ونهضة الشعوب هى الدعامة القوية للاستمرار والاستقرار والارتقاء، إننى أضع النقاط الثلاث التالية أمام أعين المتحاورين من أجل الوطن:

 

أولًا: إن التحديات الإقليمية الواضحة فى السودان وليبيا والبوابة الشمالية الشرقية لمصر علاوة على التطورات الجديدة فى منطقة البحر الأحمر قد أدت إلى بروز قوى إقليمية تسعى للحصول على مكاسب إستراتيجية حول شواطئه، ويجب أن نتذكر هنا أن مصر هى رمانة الميزان فى المنطقة شاء من شاء وأبى من أبى، فالتاريخ العريق لا يشترى والحضارة بناء ثقافى يقوم على التراكم الزمنى لا يمكن شراؤه أو استيراده أو نقله دفعة واحدة، إننى أشعر أحيانًا بأن هناك محاولة خبيثة لتطويق مصر وجر جيشها إلى مغامرة للتخلص من إحدى القوى العسكرية الإثنى عشر الكبرى فى عالم اليوم، ولذلك فإن خطواتنا لا بد من أن تكون محسوبة بدقة ولا ننجرف وراء تيار يدفعنا نحو شباك تصطاد فى المياه العكرة، إننى أدعو المتحاورين فى هذا التوقيت إلى إعمال العقل والتمسك بالاستمرارية والجدية، مدركين أن الظروف التى تمر بها المنطقة أخطر بكثير من كل التوقعات التى فكرنا فيها فى السنوات الأخيرة.

ثانيًا: وهنا أخاطب العرب أمتنا التى ننتمى إليها بضرورة اليقظة واحترام مبادئ العامل العربى المشترك والابتعاد عن المخططات السرية التى لا تريد خيرًا لنا ولا لأجيالنا القادمة، وليدرك الجميع الحكمة التقليدية على لسان الثور الأسود التى قالها: (لقد أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض) ولنكن جميعًا على وعى كامل فى هذا الحوار الوطنى الجامع بأن مصر مستهدفة بالدرجة الأولى، وأن محاولة تطويقها من كل اتجاه هى جزء من مخطط خبيث لا يريد لها أن تحلق فى الفضاء أو حتى تطفو على السطح، ومصر العربية الإفريقية تؤمن دائمًا بأنه لا يصح إلا الصحيح وأنها قادرة على الصمود والتماسك والكل يعلم أنها عصية على السقوط.

ثالثًا: إن أطراف الحوار الوطنى الحالى يعلمون جيدًا أننا نبدأ عملًا وطنيًا سياسيًا شاملًا يستند إلى رؤية واضحة وتجارب عشناها وتحديات عرفناها، لذلك فإننا نعتز بالخبرة التاريخية للإنسان المصرى، وهنا ندعو إلى أهمية استمرار قوة الدفع بحيث يكون الحوار مستمرًا لا يتوقف، وجادًا لا يتراجع، إذ إن جزءًا كبيرًا من مشكلاتنا كان دائمًا هو أننا نبدأ بحماس وحيوية ثم تخبو الروح الدافقة ويشحب الضوء المنير لنعيد الكرة بعد سنوات وقد يكون قد فات الآوان.

أيها السادة المتحاورون من أبناء الوطن المصرى العظيم إن ما جرى فى السودان مؤخرًا هو رسالة لمصر توءم السودان وشمال الوادى والعمق الإستراتيجى المتبادل بين الشطرين، إننى لا أشك لحظة فى أن ما جرى فى السودان هو استهداف لمصر أيضًا ومحاولة لتطويقها من كل اتجاه حتى تظل كما يريدونها تواجه أصعب التحديات.. وهنا أقول كلمة أخيرة.. أيها السادة المتحاورون لنحذر جميعًا فمصر هى الهدف وهى الغاية لأنها الجائزة الكبرى!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية