تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تحديات زراعة قصب السكر!
يبدأ موسم حصاد قصب السكر مطلع يناير المقبل فى عدد من محافظات الصعيد، في ظل معاناة المزارعين من تكلفة هذا المحصول الذى يتطلب مصاريف عديدة لرعايته وريه وتسميده على مدار العام، فضلا عن كسره (تقطيعه) وتنظيفه وشحنه لمصانع السكر.
وقد ترتب على ذلك انصراف عدد كبير عن زراعته وامتناع آخرين عن توريده لمصانع السكر، بل ان أحد أهم هذه المصانع (مصنع أبو قرقاص) قد توقف عن إنتاج السكر بعد مسيرة استمرت 155 عاما، عقب تقلص توريد القصب للمصنع من 750 ألف طن فى عام 2020 الى 10 آلاف طن فى عام 2024.
وقد ظهرت جليا تداعيات ذلك فى الأسواق، فلم يغب عن ذاكرتنا بعد، كيف تأثرت قطاعات كبيرة من المواطنين باختفاء السكر فى بدايات هذا العام.
هذا التراجع فى توريد قصب السكر أكده اللواء عصام الدين البديوى، الرئيس التنفيذى السابق لشركة السكر والصناعات التكاملية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية إحدى شركات وزارة التموين، الذى قال خلال الأيام القليلة الماضية أن من أهم التحديات التى تواجه الشركة نقص كميات القصب الموردة لها. وتملك الشركة 8 مصانع فى محافظات الصعيد بعدد 18 خط إنتاج سكر القصب والبنجر، الأمر الذى يتطلب مواجهة الأسباب الحقيقية من المنبع ومن ثم التوصل للعلاج الناجع.
تبلغ المساحة المزروعة بقصب السكر 230 ألف فدان تتركز بمحافظات قنا واسوان وسوهاج والمنيا، وتنتج نحو 850 ألف طن سكر، بالإضافة الى 600 ألف فدان من بنجر السكر، تنتج نحو 1.4 مليون طن سكر، بينما يبلغ حجم استهلاكنا نحو 3.2 مليون طن سكر، أى أننا لدينا هناك فجوة فى إنتاج السكر بمصر تقترب من المليون طن، ومن ثم فإن التراجع عن زراعة او توريد القصب قد تترتب عليه تداعيات بالتأثير السلبى على عدد كبير من الصناعات التحويلية الأخرى المرتبطة به، حيث يعتبر قصب السكر مصدرا حيويا لإنتاج العسل الأسود والمولاس والكحول والخشب والورق والحرير الصناعى والشمع والخل، فضلا عن استخدامه كعلف للحيوانات وتسميد الأرض، وإنتاج الوقود الحيوى.
من وجهة نظر المزارعين تعانى زراعة قصب السكر بمصر تحديات كبيرة، من أبرزها زيادة تكاليف الرى نتيجة ارتفاع أسعار السولار، وتزايد مصاريف نقل المحصول من المزارع إلى مصانع السكر، فضلا عن تضاعف تكاليف تنظيف القصب من الأوراق الجافة والتخلص منها ومن الحشائش، بسبب تزايد أجور العمال بشكل مطرد.
وقد فاقم هذه المشكلة تراجع إنتاجية الفدان من محصول قصب السكر بسبب الظروف المناخية الصعبة، وضعف كفاءة صنف القصب المزروع حاليا (س 9)، الذى أصبح يعانى التقزم وتدهور خصائصه وعدم تجاوب المحصول مع بعض أنواع الأسمدة التى يتم صرفها فى مناطق الزراعة ، فضلا عن ارتفاع أسعارها فى السوق الحرة. كل ذلك يرفع من تكاليف زراعة هذا المحصول بينما لم ترتفع أسعار توريد القصب لمصانع السكر بالشكل الذى يواكب تكاليف الإنتاج، مما أدى إلى تراجع أرباح المزارعين، ومن ثم إحجام بعضهم عن زراعته وتحولهم الى محاصيل بديلة مثل اليانسون والكمون فى المنيا، وتوجه آخرين الى بيع القصب لمحال العصير ومصانع العسل الأسود، للحصول على عوائد افضل ـ فعلى سبيل المثال بلغت قيمة بيع انتاج فدان الكمون 500 ألف جنيه، بينما لا يتجاوز قيمة انتاج فدان القصب فى أفضل الحالات الـ70 ألف جنيه، بالإضافة الى أن القصب يستمر فى الأرض 12 شهرا، ما يجعله مصدرا أحاديا للدخل ولمعيشة الفلاح وعائلته على مدار العام.
لا شك فى ان انصراف المزارعين عن زراعة هذا المحصول او الامتناع عن توريده للمصانع، يضر بتأمين هذه السلعة الاستراتيجية، ويتناقض مع توجهات الدولة التى تعمل على التوسع فى زراعة القصب والبنجر لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السكر، لأن البديل هو اللجوء الى الاستيراد الذى يشكل ضغطا على الحصيلة الدولارية.. فما الحل؟
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية